الاثنين، 20 يونيو 2016

خنجر سليمان الحلبي يحل معضلة الصراع بين الشرق والغرب!


كتب - سيد حامد 

في ثورة القاهرة الثانية قدم المصريون الثوار الحل للإشكالية الفكرية العويصة التي حيرت الكتًاب والمفكرين، وكانت سببا في سكب أطنان من الحبر على آلاف من الصفحات، بحثا عن حل للمعضلة الكبرى: كيف السبيل إلى نهضة الدول العربية والإسلامية والشرقية؟ هل بإتباع الغرب في كل شيء، حلوه ومره؟ أم ننقل عنه ما يتوافق مع الشرق وأخلاقنا؟

كان جواب تلك الإشكالية يبدو واضحا في شوارع القاهرة وحواريها في ثورتها الثانية على جيش الحملة الفرنسية، جواب بعيد تماما عن تلك الثنائية: الحل هو تحدي الغرب!
التحدي هو الذي يولد طاقة لكي تقاوم، لكي تتفوق، لا لكي تحاول اللحاق في ركابه والعيش في ظله، وإنما لكي تسبقه، وتتجاوزه في ركب الحضارة والثقافة. 

يقول الجبرتي في وصف ثورة القاهرة الثانية على الجيش الفرنسي وقائده المتكبر كليبر "فقد أنشأوا في أربع وعشرين ساعة معملا للبارود في بيت قائد آغا بالخرنفش، وأنشأوا معملا لإصلاح الأسلحة والمدافع، ومعملا آخر لصنع القنابل وصب المدافع جمعوا له الحديد والآلات والموازين وأخذوا يجمعون القنابل التي تتساقط من المدافع الفرنسية في الشوارع، ويستعملونها قذائف جديدة للضرب".
ويضيف الجبرتي "وأحضروا ما يحتاجون إليه من الأخشاب وفروع الأشجار والحديد وجمعوا إلى ذلك الحدادين والنجارين والسباكين وأرباب الصنائع الذين يعرفون ذلك فصار هذا كله يصنع ببيت القاضي والخان الذي بجانبه والرحبة التي عند بيت القاضي من جهة المشهد الحسيني".

يقول مسيو مارتان، أحد مهندسي الحملة، وكان شاهد عيان لتلك الثورة "لقد قام سكان القاهرة بما لم يستطع أحد أن يقوم به من قبل، فقد صنعوا البارود، وصنعوا القنابل من حديد المساجد وأدوات الصناع، وفعلوا ما يصعب تصديقه، صنعوا المدافع"[1].     

قدمت ثورة القاهرة الثانية الحل والجواب، من يريد التقدم عليه أن يرفض الغرب، يرفض الانكسار والانسحاق له، ويدافع عن ذاته، يبذل قصاره جهده للحفاظ على روحه، ومن ثاروا ورفضوا الغرب ومحاولاته المعسولة لاكتساب القلوب صمدوا أمام أقوي جيش أوروبي لمدة 33 يوما!

خمسة أسابيع كاملة وقاهرة أول القرن التاسع عشر تقاتل أقوي جيوش أوروبا، فيما سحق كليبر الجيش العثماني في بعض يوم، فلم يستغرق خروجه واشتباكه مع الجيش العثماني ثم دخوله المدينة أكثر من 15 ساعة، وبقيت القاهرة وحدها تقاوم!

قاومت القاهرة، وعملاء الاستعمار يسددون إلى ظهرها الخناجر، الوغد مراد بك يفرض على المدينة المقاومة حصارا، ويمنع وصول الأغلال والأقوات، والمعلم يعقوب يدافع من قلعته عن أمواله.

قاومت القاهرة كأعظم ما تكون المقاومة، من بيت إلى بيت بالمعني الحرفي للكلمة، وجاءت من بعدها رشيد وصمدت أمام الجيش البريطاني في 1807، لكن حينما تولي عملاء الغرب الحكم، وغربوا بلادنا، سقطت مدننا بسهولة، تساقطت أمام جيوش الإنجليز في 1882 كأوراق الشجر، وكلما زاد التغريب تسارعت خطي الاستسلام! 

ولم تستسلم القاهرة، وإنما سحقت وأبيدت، صب عليها كليبر قنابله، سوي حي بولاق بالأرض، امتلأت شوارع الحي المجيد بجثث رجاله الأبطال! وبهذا الأسلوب الوحشي تم الانتصار لكليبر وأعظم جيوش أوروبا على القاهرة المنغلقة المتخلفة، قاهرة أول القرن التاسع عشر!

وأقدم كليبر على الانتقام من الشيخ محمد السادات. كان يعلم في قراره نفسه أنه قائد ثورة القاهرة الأولي، وقائد ثورتها الثانية، فأقدم على ما تحرج منه سلفه بونابرت، وعذب الشيخ وحبسه في القلعة، وضربه!
وقال بونابرت في مذكراته إن تعذيب الشيخ السادات أثار السخط بين علماء الأزهر وقطاعات الشعب، واحتدم الغضب إلى رغبة في الانتقام والثأر، فكان الرد اغتيال كليبر، على يد شاب أزهري[2].  
 
في يوم السبت 14 يونيو "وقعت نادرة عجيبة"..
حدث ما كان لابد أن يحدث، قتل سليمان الحلبي، الشاب ذو الأربعة والعشرين ربيعا، قائد جيش الاحتلال الفرنسي بطعنة اخترقت قلبه، وأردته صريعا.

كان كليبر وبصحبته المهندس المعماري بروتان Protian وعضو لجنة العلوم والفنون يتفقدان أعمال الترميم في قصر الألفي بحديقة الأزبكية جراء القنابل التي صبها ثوار القاهرة على مقر القائد العام أثناء أحداث الثورة.

وفي الممر الطويل المظلل بأشجار العنب، تقدم منهما رجل ظنه كليبر شحاذ يستجديه بعض المال، فأشار إليه بالرجوع وهو يقول "مفيش"، وكررها فلم يرجع الرجل، فلما دنا منه عاجله بضربة خنجر مميته أسقطت الجنرال المتكبر مضرجا في دمائه.

وأسرع الرجل الغريب بالفرار، فلحقه المهندس بروتان، واشتبكا في قتال، كان نصيبه منه 6 طعنات، أسقطته بجوار كليبر، وعاد الجاني إلى جثمان الجنرال وسدد إليه 3 طعنات ليتأكد أنه لن يتعافى من ضربات خنجره الأولي.

تمت الجريمة بنجاح، ولاذ الجاني بالفرار، لكن ليس بعيدا، وإنما تواري وراء حائط متهدم في حديقة السراي، ولم يبق في مكان الجريمة إلا عمامته التي مزقها صراعه مع بروتان[3]

لم تكن الحادثة فردية، بل هي من إعداد ذلك التنظيم السري الذي قاد ثورة القاهرة الأولي وأعدم منه نابليون 80 شيخا رميا بالرصاص وألقي بجثثهم من فوق سور القلعة العالي، ثم عاد التنظيم أكثر قوة، وقاد ثورة القاهرة الثانية، التي صمدت 5 أسابيع كاملة، وصنع المدافع والأسلحة.

أما الرواية الرسمية والمستقاة من محاضر التحقيق فتجعل للحلبي "أجندة خارجية"، وأداة اغتيال في يد القادة العثمانيين، والد سليمان واسمه الحاج محمد أمين، تاجر سمن من مدينة حلب، عاني من الغرامات الفادحة التي فرضه عليه والي المدينة العثماني، لهذا ذهب سليمان إلى ضابط بالجيش العثماني اسمه أحمد أغا، والتقي به في القدس، فوعده بمساعدته هو ووالده، ويوصي إبراهيم باشا والي حلب، "ولكن بشرط أنه يروح يقتل أمير الجيوش الفرنساوية"!، ثم أرسله أحمد أغا إلى ياسين أغا حاكم غزة، الذي وعده برفع الغرائم عن أبيه، ويجعل نظره عليه[4].

والرواية الفرنسية إذن تجعل قتل ساري عسكر الجيش الفرنساوي مؤامرة عثمانية يدبر لها اثنين من الأغوات العثمانيين، ويطلبا من شاب صغير عمره 24 عاما السفر من القدس إلى القاهرة، وكأنها المسافة بين السيدة وسيدنا الحسين، ليقتل ساري عسكر الجيش الفرنساوي وسط جيشه وعسكره!

ومصروف السفر الذي يحصل عليه الحلبي عبارة عن أربعين قرشا! ولا يجهزاه حتى بسلاح، وإنما يشتريه الحلبي من سوق غزة "واشتري أول سلاح شافه"[5].

وهذه الأسطورة تقليدية في جميع التحقيقات مع الوطنيين .. فلابد من مؤامرة أجنبية، ويد محركة، ومبلغ من المال يحرك القاتل، لا دوافع وطنية أو دينية!

كان اغتيال كليبر هو خير رد على جرائمه في حق القاهرة وثورتها الثانية والتنكيل والإبادة التي مارسه جيشه في أعقاب هزيمة الثورة.

واللجوء إلى العمل الإرهابي الفردي المسلح تحول طبيعي في المقاومة الشعبية بعد الهزيمة العسكرية من العمل العام إلى العمل تحت الأرض.

وخضع الحلبي لمراقبة دقيقة واختبار محكم من قبل التنظيم لمدة شهر، لم يقتصر على امتحان جديته وتقوية عزيمته بل تخللته مراقبة دقيقة لتصرفات وعادات كليبر[6]، وإعداد خطة محكمة ينفذ من خلالها سليمان الحلبي إلى داخل قصر الألفي وكأنه أحد رجال المعمار المشاركين في ترميم مقر القائد الفرنسي.

ولم يكن للفرنسيين أن يعلنوا عن الدوافع الدينية والوطنية لقاتل قائد جيشهم في مصر، وكان الأسلم لهم أن يحصروا التحقيق على ما وصلوا إليه، واتهام سليمان الحلبي بقتل كليبر بتحريض من الأغوات العثمانيين وتحت تأثير الذهب التركي، خاصة بعدما فشلوا في إثبات وجود صلة بين القاتل وشيخ الجامع الأزهر.

أما سليمان الحلبي فقد قال إنه جاء مصر و"مراده يغازى في سبيل الله، وأن هذه المغازة هي قتل واحد نصراني"، ولهذا اتجه إلى قلب الثورة ومركزها، لأنه يعرف أن قيادة المغازين هناك، وفي الأزهر تلقته إحدى الخلايا، ولازمته طوال شهر كامل، وعرفت أنه الشخص المؤهل لقتل كليبر، المخابرات الفرنسية لا تعرفه، ولا عيونهم المنبثة في كل مكان، ولا يعرفه برطلمين الرومي.

ولا يمكن وصف المحادثة التي تمت بين الحلبي والمشايخ الأربعة بأنها كانت مجرد دردشة أو حوار عادي بين فدائي يقدم على اغتيال أكبر رأس فرنساوي في البلاد ومجموعة من المشايخ الدراويش الذين ينصحوه بالكف عن المحاولة لأن "ربنا أعطي القوة للفرنساوية .. ما أحد يقدر يمنعهم حكم البلاد"[7]، فليس هكذا يتم اغتيال قادة جيوش الاحتلال.

وطوال شهر كامل خضع سليمان الحلبي لمراقبة دقيقة من قبل التنظيم السري، للتأكد من جديته، وتقوية عزمه، ومراقبة تحركات المقتول نفسه، وكيفية النفاذ إليه لقتله، إذ يستحيل على شاب حلبي قادم إلى القاهرة بعد سنوات من الغيبة عنها ويعرف طريقه إلى كليبر بهذه السهولة، والتسلل إلى قصر محمد الألفي دون أن يشك فيه أحد، ثم يميز بينه وبين المهندس الفرنسي المرافق له بسهولة.

نفذت خلية الأزهر أول حادثة اغتيال سياسي فردي في تاريخ مصر الحديثة، وتمت العملية بنجاح منقطع النظير، وقضت الطعنة الأولي على قائد الجيش الفرنسي الذي سحق ثورة القاهرة الثانية وأحرق أحيائها.

ولم ينس التنظيم تلقين خلية الأزهر ما ستقوله إذا ما سقطت في أيدي السلطات، فسليمان الحلبي الذي قُبض عليه في بستان الألفي، وملابسه ملطخة بالدماء وممزقة، والسكين الذي نفذ بها عمليته قريبة منه، ينكر في بداية التحقيقات قتله لكليبر، ويدلي بمعلومات خاطئة عن تاريخ وصوله إلى القاهرة، وسبب ذهابه إلى الجيزة، وأن الفرنسيين لم يقبضوا عليه في بستان قصر الألفي وإنما في قارعة الطريق، فلما ضيقوا عليه الخناق قال إنه تواري في الحديقة لأن خيالة جيش الاحتلال الأوروبي كانت تجوب الطرق، وما كان يقدر أن يذهب للمدينة، ولما سألوه عن الجروح الظاهرة في رأسه قال إنها ناتجة عن ضرب العسكر له حينما أمسكوه به[8].  

وأمام مكر سليمان الحلبي يأمر ساري عسكر مينو بضرب الحلبي بحكم "عوائد البلاد"![9] ورغم التعذيب الوحشي الذي يتعرض له الفدائي الأول يدلي الحلبي بما يريد من اعترافات، وفي أضيق النطاق، فلا يسقط من التنظيم كله إلا الحلبي ومن المشايخ أربعة، يتم القبض على ثلاثة منهم، فيما يفر الرابع، ونلاحظ عدد المتهمين، وهو خمسة، الرقم المفضل لدي التنظيمات السرية في تكوين الخلايا الثورية، سنقابل نفس العدد في تنظيمات جمعية العروة الوثقي والحزب الوطني والإخوان المسلمين.

ويقبض الفرنسيون على أعضاء الخلية: عبد الله الغزي، محمد الغزي، أحمد الوالي[10]، يقبضون عليهم من الجامع الأزهر، معقل التنظيم، فيما يفر عبد القادر الغزي.

وثلاثة من المشايخ كما يبدو من أسمائهم ينتمون إلى غزة، واستخدموا كل مكرهم في الإنكار أولا، ثم مع الضرب يدلون بأقل المعلومات وبالتقسيط.

وفي المحاكمة يحاول الفرنسيون بكل الطرق إثبات وجود صلة بين خلية الأزهر وشيخ الجامع الأزهر الشيخ عبد الله الشرقاوي، لكن الخلية تثبت في اعترافاتها رغم تعرضها للتعذيب الوحشي[11]

كذلك ماكر الشيخ أحمد الوالي المحققين، وأنكر أن سليمان أخبره بقتل كليبر، فلما واجهوه باعتراف سليمان قال "الآن لما فكره سليمان افتكر أنه أخبره"[12]!
"وسُئل: هل سليمان ما عرفه برفقائه؟ وهل هو ما تحدث مع أحد بذلك وخصوصا مع شيخ الجامع الذي هو ملزوم يخبره بكل ما يجري؟ فجاوب "إن سليمان ما قال له على رفقائه، وهو ما أخبر بذلك أحد، ولا أيضا شيخ الجامع"
"سُئل: هل سكن سليمان بالجامع لسبب أنه قال له على مراده في قتل ساري عسكر؟ فجاوب "لا .. لأن كل أهل الإسلام تقدر تسكن في الجامع"[13]
ويوجه المحقق السؤال إلى سليمان الحلبي: هل هو من ملة المغازين؟ وهل أن المشايخ سمحوا له في قتل الكفار في مصر ليُكتب له أجر ويقبل عند النبي محمد؟ فجاوب "أنه ما فتح سيرة المغازاة إلا إلي الأربعة مشايخ فقط الذين سماهم". 

واخترع حجة بديعة لصرف الاتهام عن الشيخ الشرقاوي، فجاوب "أنه ما شاف هذا الشيخ، لأنه ما هو من ملته، بسبب أن الشيخ الشرقاوي شافعي، وهو حنفي"[14]!.

وفي نهاية المحاكمة التي تودع القرون الوسطي وتستقبل العصور الحديثة والمدنية الأوروبية حكم الفرنسيون على سليمان الحلبي بالإعدام، على تحرق يده اليمني وهو حي ينظر إليها، ثم يوضع على الخازوق، وتترك جثته تأكل منها جوارح الطيور[15].

والحكم بقطع رؤوس ثلاثة من المشايخ وهم: محمد الغزي، وعبد الله الغزي، وأحمد الغزي، باعتبار أنهم شركاء لسليمان الحلبي في جريمته، وتوضع رؤوسهم على نبابيت، ويحرق جسمهم بالنار، ويتم كل ذلك أمام سليمان الحلبي قبل أن يتم إعدامه، على ينفذ حكم الإعدام في الجميع أمام العسكر والمصريين[16]!

وأضاف نص الحكم "وهذه الشريعة والفتوي لازم ينطبعوا باللغة التركية والعربية والفرنساوية، من كل لغة قدر خمسماية نسخة" .. وهذا هو التطور التكنولوجي الذي يفرق بين الثورة الفرنسية، وبين همجية جنكيز خان وهولاكو، جزارين العصور الوسطي المظلمة!

وأمام قبر ساري عسكر كليبر في تل العقارب ارتفع الخازوق عاليا في سماء القاهرة يرفع جسد سليمان الحلبي ليعلن عن زيف مبادئ الثورة الفرنسية: الحرية، والإخاء، والمساواة.. فالحرق حيا والخازوق هما مبادئ الثورة في الشرق!

حادث الاغتيال السياسي الأول!
هكذا يصنفه مؤرخونا .. ولماذا نعده حادث الاغتيال السياسي الأول؟ ألان فاعله هو مواطن من عامة الشعب تجرأ واغتال قائد الجيش الفرنسي الذي أسرف في قمع ثورة القاهرة؟ ولماذا لا نقول على الجرائم التي يرتكبها قادة الحملة والحكام المماليك والعثمانيين وما سيتبعهم على عرش مصر جرائم سياسية؟!

أتهتز صفحات المؤرخين وتقف أمام اغتيال القادة والزعماء فيما تمر مرور الكرام على آلاف المصريين الذين يسقطون تحت ركام مدافع الفرنسيين وسياط المماليك وبربرية العثمانيين وتوحش محمد على؟!



[1] محمد جلال كشك، ودخلت الخيل الأزهر، ص 304
[2] عبد العزيز محمد الشناوي، الأزهر جامعا وجامعة، ص 147
[3] الجبرتي، ص 190 . الرافعي، ص 161، 162
[4] الجبرتي، ص 205، 206
[5] الجبرتي، ص 206
[6] ودخلت الخيل الأزهر، ص 346
[7] الجبرتي، ص 200
[8] الجبرتي، ص 195
[9] الجبرتي، ص 195
[10] الجبرتي، ص 195، 196
[11] الجبرتي، ص 208، 209
[12] الجبرتي، ص 209
[13] الجبرتي، ص 209
[14] الجبرتي، ص 212
[15] الجبرتي، ص 215، 217
[16] الجبرتي، ص 218 

السبت، 18 يونيو 2016

محمد بن عبد الله (صلي الله عليه وسلم) .. الإنسان الذي علم الإنسانية

كتب - سيد حامد 


أسمح لي يا سيدي بهذه الكلمات، أعبر فيها عن حبي وتقديري..أعلم أنها قد لا توفيك حقك, فجميع ما خطه البشر عنك يتساقط دون أن يبلغ القمة التي تقف عليها , ولكنها سيدي محاولة فاقبلها مني.


من يعرفك, ويقترب منك, يأسره ذلك النور الخارج من بين ثناياك. فأنت نور, وخالقك هو النور, والقرآن الذي تتلقاه نور, نور يهدي الحائرين والباحثين عن الكمال الإنساني.

يأتيك أعرابي وأنت توزع المال, فيمسك ملابسك, ويجذبك منها, فتترك أثرا على صفحة عاتقك , ويقول لك في غلظة: يا محمد..أعطني من هذا المال, فليس المال مالك أو مال أبيك.

وماذا يكون ردك على تلك القسوة؟ يهم صاحبك عمر رضي الله عنه أن يبطش بالأعرابي فتمنعه في هدوء.. وتبتسم في وجه الأعرابي وتجزل له العطاء.

سيدي..كل ما سطره المؤرخون من مجلدات عن أبطال وعظماء العالم لا يحوي موقفا مماثلا لصنيعك مع الأعرابي!!.

كنت نبي آخر الزمان, وخاتم المرسلين, لكنك بين الناس بشر, تمشي في الأسواق, وتعمل بيدك , تأكل وتشرب, وتفرح وتحزن.
كتب السيرة تقول أنك سيدي حينما دخلت المدينة, لم يستطع بعض أهلها أن يميزك عن صاحبك أبي بكر.
وعندما سرت يوما في مقابر المدينة, ووجدت امرأة تنوح على ابنها, قلت لها اصبري, لم تعرفك وقالت: إليك عني..فأنك لم تصب بمصيبتي.
لم تعرفك..
ولم تعرف أن الحزن زارك مرات عديدة..
فاختطف الموت أبنائك الذكور في مكة..القاسم والطيب.
وفي المدينة ذوت زهرة رقية باكرا, ومن بعدها طوي الموت صفحة أم كلثوم, ثم زينب.

وأخيرا رزقك الله بإبراهيم..
أسميته إبراهيم تيمنا باسم جدك الأكبر نبي الله إبراهيم.
هل كنت تطمع أن يخرج من نسله أمه كأمة خليل الرحمن؟!

ويكبر صغيرك, وينمو حبه في قلبك, وتفرح به كما يفرح المسافر في صحراء بواحة بها زرع وماء في صيف قائظ شديد الحرارة !
لما تنتهي من أعمالك وجهدك المضني في بناء أمة الإسلام, تسرع إلى بيت إبراهيم , تداعبه وتهش له..تتصابي له..تخرج له لسانك, فيري حمرته فيبتسم الصغير..
ويكبر وينمو..حتى يبلغ من العمر ستة عشر شهرا..
ثم يختطفه الموت!!.
آه..في هذا السن النضرة.. في السن الذي تتفتح فيه الزهرة وتستجيب لمداعبات النسيم, وغناء العصافير, وشعاع الشمس.
وتبكي.. تبكي على رحيل ابنك.
ولا تكاد تحملك قدمك..فتتساند على أكتاف أثنين من أصحابك..وتنظر للجبل وتناديه: يا جبل..لو أن بك ما بي..لهدك الحزن!.
ويتعجب أصحابك..ويرون دموعك فتقول لهم : أنها رحمة الله وضعها في قلوب عباده.

وتكسف الشمس يوم وفاة إبراهيم. ويتهامس الناس أنها حزنت على فراقه, فتخرج إليهم متحاملا على أحزانك, وتقولها قوية "الشمس والقمر من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد, ولا يحزنان لموت أحد".
.....
وفي بيتك, كنت نعم الزوج..
وهل ينسي التاريخ حبك لأمنا خديجة؟!..

عندما فتح الله عليك مكة , يوم الانتصار الكبير على القرية التي تكبر سادتها عليك , وأذوك ثلاثة عشر عاما , وحاربوك بالسلاح ثمانية آخري 
حينما دخلتها تذكرت منازل الطفولة , والشباب , والأيام التي قضيتها مع زوجك الحنون الطاهرة , شريفة قريش , أمنا خديجة – رضي الله عنها , تشد من أزرك وتساندك , كنت كلما عدت إلى بيتكما حزينا على ما تلاقيه من عنت وصلف وتكبر وإيذاء , فإذا هي تقويك , وتشجعك على تحمل أداء رسالة ربك.. موقنة إن الله سينصرك.

هل كانت تلك الذكريات تترآي أمام ناظريك وكأنها بالأمس حينما طرق الباب؟.. وتنبهت لوقع الطرقات ولصوت القادم , يذكرك الصوت بتلك الأيام الجميلة..فتبتسم فرحا , وكأنك عدت إلى أيامك الأولي مع حبيبتك خديجة.. وتقول مسرورا: اللهم هالة. أخت رفيقة عمرك.

بعد كل تلك السنوات, مازلت يا سيدي تعرف وقع طرقات هالة على الباب!. تفسح لها في مجلسك..وتتجاذب معها أطراف الحديث..هي تذكرك بخديجة..تتحدثان سويا عنها, وعن أيامكم الجميلة.

تغار زوجتك عائشة - والتي أعلنت على الملأ أنها أحب الناس إلى قلبك- وتقول لك بغيرة النساء أن  الله قد أبدلك خيرا منها .. فتغضب لقولها وتقسم " ما أبدلني الله بها خيرا منها , لقد أمنت بي حين كفر الناس , وصدقتني حين كذبني الناس , وأشركتني في مالها حين حرمني الناس , ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها"

وتلك الرقة يا سيدي , وهذا الحب الإنساني الذي يفيض أنهارا , يهدر شجاعة وإقدام في ساحة الوغى والمعارك..
في "أحد", وأنت في الثالثة والخمسين تقاتل وكأنك شابا يافعا.. وفي حنين تجلت فيك كل شجاعة الفارس..هرب جيش الإسلام تحت وقع المفاجأة التي أعدتها هوازن وثقيف, لكنك وقفت كالجبل, تنادي بأعلى صوتك: "أنا النبي لا كذب..أنا بن عبد المطلب".. وحدك مع قليل من فرسان الإسلام أمام جيش ضخم..حتى أن فارس الإسلام على بن أبي طالب يقول أنه كان يحتمي بك إذا استعر القتال. لله درك يا رسول الله أي رجل عظيم أنت!

من يقابلك تبتسم في وجهه, تبدأ من يقابلك بالسلام. ومن يضع يده في يدك لا تنزعها حتى يكون هو البادئ. تعطي كل حواسك لمن يتحدث إليك.
إذا سرت رفضت أن تكون في المقدمة, وأصحابك ورائك.. وعلمتنا أن التبعة, فتنة للمتبوع, وذلة للتابع.
...
سيدي..
المساحة المخصصة تنبئني بأني قد جاوزتها..ولم أزل أحمل الكثير من حبي وتعظيمي , فأنت يا سيدي قدوتي , وبوصلتي في الحياة الدنيا , بك يهتدي الحائرون , وعلى هديك تجوب سفننا بحور الحياة , وعلى دربك نسير , وعلى خطاك نقتفي أثرك. وإذا كانت لي دعوة مستجابة عند ربي لكانت أن تنعم على بشربة من كفك لا أظمأ بعدها أبدا , وأسعد بصحبتك.. فهل أحشر معك يا سيدي وأنت من قلت "المرء يحشر مع من أحب"؟!  


وعذرا سيدي أني لم أوافيك بعض حقك. 

الجمعة، 17 يونيو 2016

كيف تنجح في القضاء على ثورة! الثورة العرابية نموذجا


كتب - سيد حامد  

لم تكن ثورة 1881 عسكرية أو ثورة جيش، صحيح قادها أحمد عرابي مستندا إلى قوة الجيش، ولكن سبقها إعداد جماهيري وتنظيمي، غرس بذورها جمال الدين الأفغاني، ورعاها المصريين الأحرار، وشبت في أحضان الحزب الوطني، ونشرتها الصحافة، جريدة مصر الفتاة وصحف النديم ويعقوب صنوع.

وفي التاسع من سبتمبر 1881، جرت المواجهة، بين أحمد عرابي، الضابط الفلاح، الذي يمثل الشعب المصري، والخديوي توفيق، حاكم متسلط ينظر للبلاد على أنها ضيعته هو وأسرته، وما الناس إلا عبيد إحساننا[1].

ويرد عليه عرابي بجملته الخالدة "نحن خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا وعقارا.. فوالله الذي لا إله إلا هو أننا لا نورث ولا نستعبد بعد هذا اليوم"[2].

كان الموج عاليا، ورأت قوي الرجعية والإمبريالية أن تتراجع قليلا للخلف، ليحنوا رؤوسهم للرياح الثائرة، وليدبروا الأمر بينهم.

أعلن الخديوي عزل رياض باشا وإسناد الوزارة إلى شريف باشا[3]، وفعلها من بعده حسني مبارك وأقال أحمد نظيف ليلة السبت 29 يناير 2011!

وعمت البلاد فرحة طاغية، واستبشر الناس خيرا بالعهد الجديد، وعلات ضفاف النيل صيحة فرح وسرور لم يسمع بمثلها منذ مئات السنين..
وكانت الأشهر الثلاثة التالية من أسعد الأوقات التي مرت على مصر. الناس يستوقف بعضهم البعض، يتعانقون على غير تعارف سابق، ويبتهجون معا لعصر الحرية المدهش الذي بدا لهم فجأة، كما يبدو الفجر بعد ليل طويل مخيف.
الصحافة تحررت من قيودها، الناس يستطيعون أن يجتمعوا ويتكلموا بلا خوف، بلا خوف من تدخل البوليس والجواسيس.

صارت السياسة وأمور الحكم هي حديث الناس اليومي، عادت مصر إلى الشعب بعد طول غياب.
وسرت عدوي السرور إلى جميع الطبقات، فالمسلمون والمسيحيون واليهود يدا واحدة، وشاركهم في أفراجهم الجاليات الأوروبية التي كان لها صلة بالحياة الوطنية.
واعترف القناصل الأجانب أنفسهم بأن العصر الجديد خير من العصر القديم، وأن رياضا قد أخطأ، وأن أعمال عرابي إذا لم تكن كلها سديدة فليست كلها خطأ[4].

وتوالي تخدير الشعب وخداعه بمنحه مزيد من المكتسبات، فيما تختمر الثورة المضادة، ونتنظر الوقت لكي تطل برأسها القبيح.
عليك أن تعطهم حرية وديمقراطية.. اجر انتخابات نزيهة.. ثم اسلبهم كل ذلك.. بين لهم أن الديمقراطية والحرية تعني الفوضى والاضطراب!

في 4 أكتوبر رفع شريف باشا إلى توفيق تقريرا بإجابة مطلب الأمة في تشكيل مجلس النواب وإجراء انتخابات عامة، يختار فيه الشعب ممثليه بعد طول عهد بالحكم الاستبدادي، على أن يكون المجلس "جمعية تأسيسية" تضع دستور مصر الجديد[5]

وأجُريت انتخابات حرة ونزيهة، لم تتدخل فيها الحكومة، ولم يحاول العرابيين التأثير على الناخبين[6]، وافُتتح المجلس يوم 26 ديسمبر.  
وصلت الثورة إلى قمة المنحني وظنت أن البلاد قد دانت لها! 
أما الثورة المضادة فبدأ في تنفيذ أولي خطواتها للقضاء على الحركة الوطنية.. واتبعت في ذلك عدة قواعد.

والقاعدة الأولي لكي تقضي على ثورة: ابذر بذور الفرقة والشقاق في صفوف الثوار

اشتغلت ووزارة شريف بوضع الدستور على أحدث المبادئ العصرية[7]، وكاد الأمر أن يتم بين الحكومة والمجلس على نصوص الدستور لولا الأزمة التي أطلت برأسها في يناير 1882[8]، بعدما انقسم المجلس حول حق تقرير الميزانية!

رأي الرقيبان الأوروبيان عدم إعطاء المجلس حق تقرير الميزانية، لأن من نتائجه - كما يري- إحلال مجلس النواب محل مجلس الوزراء في إدارة شئون البلاد[9]!
كان التدخل الإنجليزي/ الفرنسي مقصودا، فالدولتان تدركان أن الوطنية سوف تغلي في قلوب النواب، ويقابلون طلب الرقيبان الماليين بالرفض.

كانت المخابرات البريطانية والفرنسية تضع مشرط الجراح في المنطقة الأمنة التي تجيد اللعب فيها!
وحدث ما كان متوقعا، وأصر النواب على حق المجلس في مناقشة الميزانية[10].

كان من السهل تجاوز الأزمة المفتعلة بين رئيس الوزراء ومجلس النواب، فقد رأي رئيس الوزراء المعتدل شريف باشا ألا يتخذ مجلس النواب قرارا حول تقرير الميزانية، وأن يفوت على الدولتين التدخل الخبيث، خاصة وأن ميزانية 1882 كان قد صدر بالفعل مرسوم باعتمادها في 22 ديسمبر 1881، أي قبل انعقاد المجلس بأيام قليلة، فالبحث في الميزانية لا تبدو له أهمية إلا في ختام 1882، حيث توضع ميزانية 1883[11].

كذلك رأي محمد عبده الاعتدال وقال "قد لبثا عدة قرون في انتظار حريتنا، فلا يشق علينا أن ننتظر الآن بضعة أشهر"[12].

وقبل أن يسود الاعتدال، كانت بريطانيا وفرنسا قد سكبتا مزيد من الزيت على النار المشتعلة، وأرسلتا، في 7 يناير، مذكرة تؤكدا فيه وقوفهما بجوار الخديوي، للتغلب على الصعوبات التي تواجه مصر، وحقهما في التدخل في شئون مصر الداخلية والخارجية[13]!

أرسلت الدولتان المذاكرة وكأنها تدفع الوطنيين إلى العمل في الجهة المقابلة دفعا!
أحدثت المذكرة الأثر المطلوب، فرح بها توفيق، فيما اضطرب الجند، وهاجت الخواطر.

ولم يقبل العرابيون بهدوء شريف ورغبته في تأجيل مناقشة حق المجلس في تقرير الميزانية، وقرروا التخلص منه، وإسناد الوزارة إلى رجل منهم، محمود سامي البارودي، ويتولى عرابي وزارة الحربية[14]

تسلم الوطنيون السلطة كاملة، وخسروا جانب الثورة المعتدلة: شريف باشا!
وأقر المجلس الدستور، ولم تعش الثورة لتضع ميزانية 1883! فقد أسقطها الإنجليز في التل الكبير بعد هذا التاريخ بشهور قليلة!

القاعدة الثانية: انشر الفوضى والرعب

إذا أردت القضاء على ثورة فعليك أن تقوم "بتشخيصها"، فأنت لا تستطيع أن تحارب أفكار ومبادئ وعقيدة، ولكنك تستطيع تحارب شخص وتهدمه وتطعنه، وعلى هذا اجعل شخص ما هو من يمثل الثورة، يرمز لها، فإذا استطعت أن تشوه هذا الشخص، وتلطخ سمعته، استطعت القضاء عليها!

وأحد الوسائل للقضاء على قائد الثورة، هو أن تُجلسه على كرسي الحكم، ثم انشر الرعب والفوضى في طول البلاد وعرضها، لتظهره بمظهر العاجز عن حفظ الأمن والرعية!

وهذا ما حدث مع عرابي، فقد عاد إلى الوزارة، وألقي عليه الخديوي مسئولية حفظ الأمن في ربوع البلاد، فانتقلت الثورة المضادة إلى القاعدة المشهورة "أنا ... أو الفوضى"!

وعلى درب "البلاك بلوك"، وفي الساعة الأولي من بعد ظهر الحادي عشر من يونيو وقعت مذبحة الإسكندرية والتي استمرت إلى الساعة الخامسة مساءا!
البداية – كعادة كل الثورات المضادة – مفتعلة. رجل مالطي يقوم باستئجار حمار، يدور في شوارع المدينة بلا هدف محدد، وفي النهاية يرفض أن يعطي المكاري – واسمه سيد العجان –الأجرة المناسبة، سوف يتشاجر معه المصري، هنا يطعنه المالطي، ويجري متحصنا بمنزل، فإذا اجتمع الأهالي حول جثة المقتول، ينهال عليهم الرصاص من شرفات المنازل.

المعركة المفتعلة تزداد اشتعالا.. الرعاع الأوروبيون يضربون الوطنيين بمسدساتهم، والأهالي عزل من السلاح، يدافعون عن أنفسهم بالعصي. الحمية تثور في قلوب الصعايدة والعرب والسودانيون، فيشتد الضرب، وتعلو الضوضاء، وتُستل الخناجر، ويكثر القتلى في الجانبين[15].

ويستمر الضرب والفوضى والقتل عدة ساعات، حتى الساعة الخامسة مساءا!

وتبلغ حصيلة اليوم الدامي: عدد من القتلى والجرحى تختلف الروايات في تقديره[16]!

كانت "مذبحة الإسكندرية" هي الاضطراب هو الأول من نوعه بعد عام من الثورة، وأحدث خبرها قلقا كبيرا في أوروبا[17]، وألقت الجرائد الأجنبية بتبعتها على رجل واحد فقط، عرابي!

المؤامرة كانت محبوكة الإعداد، محافظ المدينة الشركسي عمر لطفي وقف موقفا سلبيا، بل كان من المدبرين لها، بعدما أرسل إليه توفيق برقية هدده فيها "فاختر لنفسك إما خدمة عرابي أو خدمتنا"، فاختار جانب الثورة، الثورة المضادة، ترك الفتنة مشتعلة[18]. لم يتصل بعرابي منذ وقت مبكر، وعندما فكر في استدعاء الجيش اشترط أن ينزل بغير سلاح[19]!

لم يقف عمر لطفي عند التأييد السلبي للاضطراب، وإنما شارك فيه، وجمع العصي والشوم، ووزعها في الموعد المقدور، وأعد الإعدادات اللازمة لإحداث الاضطراب المقصود[20]
وعمر لطفي من الكارهين للثورة، ومن فلول نظام الخديوي المعزول إسماعيل، وحصل على مكافأته بعد هزيمة الثورة، ونال منصب وزارة الحربية، وظل في منصبه حتى مايو 1883[21].

والبوليس يشترك في المؤامرة، رئيس الشرطة بالإسكندرية يتمارض يوم المذبحة، ويزعم أنه حدث له شلل في ذراعه الأيسر استدعي ملازمة الفراش[22]، فاستمر الاضطراب وفقا للبرنامج الموضوع له.

ولأن الخديوي في القاهرة وعمر لطفي في الإسكندرية يسيطران على المواصلات البرقية فقد تأخرت معرفة عرابي بالمذبحة، ومع غروب الشمس هدأت الفتنة وسكن الاضطراب وانقضي الليل ولم يحدث فيه شيء يذكر غير أن الخوف كان ملء القلوب[23].

القاعدة الثالثة: استدع الجيش للتدخل!

رغم الأجواء الملبدة بالغيوم، طلب توفيق السفر إلى الإسكندرية، بحجة الاصطياف حسب عادته كل عام[24].
اصطياف بعد مجزرة بشعة اهتزت لها مصر!
ويسمح عرابي لتوفيق بأن يسافر، وكان خطأ جسيما، فقد سمح للثورة المضادة أن تقيم معسكرا مستقلا وبعيدا عن نفوذ الثورة، إليه اتجهت كل أنظار فلول نظام إسماعيل والخونة والخائفين على مصالحهم من انتفاضة الفلاحين[25].

ومن الإسكندرية يبدأ توفيق في طعن الثورة، يري المدينة الساحلية قد عاد إليها الهدوء، ومقام عرابي زاد في العيون بعدما حفظت جنود الجيش النظام في المدينة[26]، فيصرح للمراقب العمومي الإنجليزي بعدم ثقته في استمرار الأمن والراحة، وأنه لا يري بدا من وجوب مجيء جنود إنجليزية لإعادة الراحة والطمأنينة[27]!

وما أن يشيع التصريح المريب حتى يشتد قلق الناس ويعمهم الخوف، ويوقنون بأن هناك حوادث ستقع تنخلع لها القلوب[28]، فتوافدت هجرات الأجانب حتى "ضاقت بهم قطرات السكك الحديدية من المسافرين والمهاجرين"[29]

وبدأ التجهيز لضرب الإسكندرية بالأسطول الإنجليزي!!
والحجة: شروع عرابي في تجديد بعض الطوابي وبناء دشم ووضع مدافع جديدة[30]!

وعلى طريقة الذئب والحمل، كان الإنذار البريطاني "جرا للمشاكل" مع العرابيين، فالحرب كانت واقعة لا محالة، وحتى حينما يتم إرسال وفد مصري إلي قائد الأسطول البريطاني، يعرض عليه إنزال ثلاثة مدافع من 3 طوابي، يرد في غطرسة بأنه يطلب إخلاء أراضي في الإسكندرية لكي ينزل عليها جنوده ويستريحون فيها[31]!

وفي 11 يوليو بدأ ضرب الإسكندرية، ولمدة 10 ساعات كاملة[32]، قاومت فيها الحصون المصرية مقاومة فاقت كل ما يتوقعه الإنجليز[33]، وتفاني المواطنون في الدفاع عن المدينة رغم أن الحرب كانت حرب مدافع وحصون، وتطوع كثير من الرجال والنساء لخدمة المجاهدين ومساعدتهم في تقديم الذخائر وإعطائهم الماء وحمل الجرحى وتضميد الجراح ونقلهم إلى المستشفيات[34].

أحرق توفيق الإسكندرية، وهدمت مدافع الإنجليز مبانيها، وسلبها لصوص الباشا، ليهرب 150 ألف من سكانها، مجردين من كل شيء، لا مأوي لهم، والموت والفزع يعشش في قلوبهم[35].

وفي صباح 13 يوليو انسحب عرابي إلى كفر الدوار، لكيلا يقع الجيش في شراك الإنجليز ويحاصروه في الإسكندرية[36].
وفي كفر الدوار بدأ في إعداد الاستحكامات لمواجهة الإنجليز الذين نزلوا إلى الإسكندرية ويستعدون للزحف نحو العاصمة[37].

كان تعداد الجيش المصري النظامي لا يزيد عن 19 ألف مقاتل موزعين على مختلف المواقع، منهم 8 آلاف كفر الدوار[38]، ويقدره بلنت بـ 13 ألف جندي، أما المجاهدون الجدد فلم يكونوا لائقين للخدمة العسكرية، ولم ينتفع منهم الجيش إلا في الأعمال اليدوية في حفر الخنادق[39].

وتمكن عرابي والمصريون من مقاومة الإنجليز، وعلى مدار 5 أسابيع كاملة صدوا هجماتهم، وطاردوهم حتى أبواب الإسكندرية[40].
ولأن الإنجليز يخشون ساحات القتال المباشرة والمواجهة المكشوفة، لجأوا إلى المناورة والخداع، وطرقوا باب آخر غير ساحات كفر الدوار، باب قناة السويس.

وأسرع عرابي بالانتقال إلى معسكر التل الكبير، ووصل القطار إلى الزقازيق والناس تحتشد للهتاف له وصاروا ينادون "الله ينصرك يا عرابي .. يا مولانا يا عزيز .. اهلك عسكر الإنجليز .. يا سيمور يا وش القلمة من قال لك تعمل دي العملة"[41]!

القاعدة الخامسة: استخدم ورقة الدين!

للدين تأثيره على نفوس المصريين، والأجدى للثورة المضادة أن تتستر بورقته، وتستخدمه لتخدير حمية السذج!
طلبت إنجلترا من السلطان العثماني أن يعلن عصيان عرابي، وشرعية اشتراك الإنجليز في قمع الثورة المصرية.. واستجاب السلطان الغافل ونشر المنشور في صحف الآستانة في 6 سبتمبر 1882[42] بأن عرابي من العصاة الخارجين عن طاعة الله ورسوله وخليفته في الأرض[43]

واشترت السفارة الإنجليزية في الآستانة مليون نسخة من جريدة "الجوائب" التي نشرت المنشور السلطاني بعصيان عرابي، لكي يوزعها الإنجليز في الهند، تسكينا وإخمادا لحركة التشيع للثورة المصرية، وكانت قد اضطربت هناك بشكل ينذر إنجلترا بشر العواقب[44].

فإذا كان عرابي يقدم الثورة بأنها دفاع عن الدين الإسلامي، وإذا كان النديم يجوب الأقطار والقري يحث المصريين على الجهاد والذود عن الدين، فها هو السلطان خليفة المسلمين، يصدر منشوره بأن عرابي خارج على الخلافة، عاصيا لأوامر أمير المؤمنين!

وحقق منشور خليفة المسلمين غرض الإنجليز، وكان له أثره في نتائج المعركة الفاصلة بين الإنجليز والمصريين، فقد انطفئت الحمية الدينية من نفوس الجنود، واعتقدوا أنهم يخوضون حربا القتيل فيها ليس بشهيد، بل يكون مأواه جهنم لأنه عاص للخليفة!

القاعدة السادسة: استغل سذاجة الليبيراليين!

يمكنك أن تضحك على بعض القوي الوطنية الليبيرالية، وتضمهم إلى صفك، بأن تلقي في روعهم أن تدخل الجيش مؤقت باستعادة الأمن، وسرعان ما يترك البلاد لأصحابها المدنيين يحكمونها بعد التخلص من الفاشية الدينية والعسكرية!

في 28 أغسطس وافق شريف باشا – أبو الدستور – على تشكيل وزارة جديدة، بدأت الوزارة عملها بأن وجهت إلى جميع أنحاء القطر المصري منشورات تصف فيها حركة عرابي بأسوأ النعوت، ونوهت بحسن نية إنجلترا، وأن تدخلها إنما لقمع الفاشية العسكرية لحماية مصالحها في قناة السويس؛ طريقها الوحيد إلى الهند!
ولم يكتفي شريف بتثبيط همم المصريين، وإنما طالبهم بأن يعاونوا الجيش الإنجليزي على أداء مهمته[45]!

وكان ذلك خطئا كبيرا من رجل وطني كشريف باشا، إذ وثق في جيش أجبني، يزعم أنه قادم لإقرار الأمن والاستقرار، ثم يغادر البلاد!
ولعل شريف قد انخدع في تصريحات رئيس الوزراء البريطاني جلادستون في مجلس العموم البريطاني يوم 27 أغسطس إذ أكد أن حكومة صاحبة الجلالة لم تخطر على بالها مطلقا فكرة احتلال القطر المصري إلى أجل غير محدود[46]
ألا يذكرنا ذلك بمحمد البرادعي وانخداعه بوعود العسكر في 2013؟!

القاعدة السابعة: اشتر نفوس ضعيفة!

المال له سحره، وبعض بني البشر عبيد للأصفر الرنان، وحياتهم مرهونة بما يقع في جيوبهم منه!
وأرادت بريطانيا أن تطمئن على جيشها في تحركاته، فنثرت الأموال على الخائنين!
أرسلت "إدوارد بالمر" أستاذ اللغات الشرقية في جامعة كامبردج، وكان يجيد اللغة العربية بطلاقة، إلى سيناء، فاشتري قبائل الطياحة والترابين بالأموال.. بمبلغ 20 ألف جنيه إنجليزي[47].
ومن داخل جيش عرابي اشتري الإنجليز الأميرالاي على يوسف خنفس، وأسمته العامة "خنفس الخائن"، وأبلغ الإنجليز بخطط المصريين الحربية[48]!
سرق خنفس النسخة الأصلية التي رسمها عرابي بيده وأعطاها للإنجليز[49].
ورغم الخيانة لم يكن طريق الإنجليز إلى القاهرة نزهة حربية أو سهلا ميسورا كما أدعي البعض[50].
في ذكري مظاهرة عابدين، وعلى أرض القصاصين تقابل الجيشين، وتقاتلا قتالا عنيفا لمدة 3 ساعات، وكاد المصريون أن يلحقوا الهزيمة بالإنجليز لولا خيانة خنفس الخائن، واطلاعه للإنجليز على خطة الجيش المصري.
وليس شيئا أخطر على جيش أن تكون خطته معروفة عند العدو..
ولولا الخيانة، لأحاط المصريون بجند الإنجليز، وأفنوهم في صحراء القصاصين، وهم الأقدر على تحمل شمسها وحرها في سبتمبر، ولولد في هذا المكان عصر جديد في تاريخ مصر، وازدانت ميادين القاهرة ومصر بتماثيل أحمد عرابي منقذ مصر من الاحتلال البريطاني [51]!!

وفي ظل هذه الظروف التي يقاتل فيها عربي وجيش الفلاحين كانت النهاية المرتقبة تلوح في الأفق..
في اليوم الثاني عشر من سبتمبر أرسل خنفس الخائن من المقدمة إلى عرابي يقول: إن الإنجليز لن يتحركوا اليوم!
فركن الجيش إلى الراحة!
وبعد أن انتصف الليل بساعتين زحف الإنجليز في سكون، لا على هدي علامات النجوم كما يزعمون، وإنما على خيانة بعض الضباط المصريين، وفريق من عرب الهنادي ممن اشتري الإنجليز ذممهم[52]

وعلى أرض التل الكبير تقابل الجيش المصري والذي لم يكن يزيد عن 10 آلاف أو اثني عشر ألف جندي مع الجيش الإنجليزي المؤلف من 11 ألف من المشاة و2000 من الفرسان و60 مدفعا[53].
أخُذ المصريين على غرة، فاختل نظامهم، وفر المجندين الجدد دون أن يطلقوا طلقة واحدة!
لم تدم المعركة أكثر من 40 دقيقة[54]، لم تزد خسائر الإنجليز فيها على 57 قتيلا، منهم 8 ضباط و48 صف ضابط وجنديا، و402 جرحي منهم 27 ضابطا، أما خسائر المصريين فقد تراوحت بين 1500 قتيل أو 2000[55]!

لكن المعركة لم تخل من البطولة والشرف الحربي، لم يخل الميدان من مصريين حفظوا شرف قومهم من الانهيار، وثبتوا في ساحة القتال.
من هؤلاء الأبطال محمد عبيد (بطل حادثة قصر النيل يناير 1881)، وأحمد بك فرج، وعبد القادر بك عبد الصمد، وحسن أفندي رضوان..
وقف الأربعة بفرقهم مستبسلين، وكان مجموعها لا يزيد عن ثلاثة آلاف، أكثرهم بسالة واقداما محمد عبيد، فقد صمد برجاله للإنجليز، وأوقف زحفهم، وقاتلهم قتالا شديدا، حتى فني معظم رجاله، واستقبل الموت راضيا مرضيا.
وأصلي حسن رضوان بمدافعه الإنجليز نارا حامية، حتى سقط جريحا في الميدان، ولما حُمل أسيرا إلى ولسلي Wolseley وأقبل يقدم له سيفه، لم يشأ القائد الإنجليزي أن يأخذه منه احتراما، وأثني عليه[56].

أما عرابي، فقد استيقظ على زئير المدافع، فارتدي كسوته الحربية، وامتطي جواده، وذهب إلى خط النار، وقابله الفارين يقولون بانهم قد خسروا المعركة! وجعل يحض الجنود على الثبات، وصار يتقدم بهم إلى الأمام، في ناحية محمد عبيد، الذي كان لا يزال صامدا للإنجليز، ولكن أمواج الفارين ردته إلى الوراء، وخادمه سيد أحمد يرجوه أن يفر وينجو!، فولي وجهه شطر القاهرة.
وكان أجدر له أن يصمد ويموت في ميدان القتال.

تراجع عرابي إلى القاهرة واعتزم إنشاء خط دفاعي عن العاصمة، مثلما فعل طومان باي في معاركه المجيدة ضد السلطان العثماني وهو يدفع جحافل العثمانيين عن مصر.
ولكن أين الضباط وأين الجند؟!
كان المتبقي من الجيش ألف رجل من خفراء البلاد بغير ضباط!![57]

ورأي عرابي أن يستسلم!
انتهت الثورة!

وفي يوم 14 سبتمبر وصلت طلائع الجيش الإنجليزي بقيادة الجنرال "دروري لو" إلى العباسية..
ودخل الجنرال "ولسلي" Wolseley وعدة آلاف من الإنجليز القاهرة الآهلة بالسكان ..المدينة التي قاومت الفرنسيين، وأشعلت ثورة القاهرة الأولي والثانية والثالثة، لكن أين كل ذلك الآن؟! لقد خبت الروح القتالية، وذوت جذوة الجهاد، ونالت الطعنات من قلوب المصريين، طعنات محمد عليّ، وطعنات الخليفة العثماني في قصره العالي المطل على البسفور!

دخل "ولسلي" Wolseley القاهرة بلا أدني مقاومة أو قتال، ونزل في سراي عابدين، وأرسل إلى وزارة الحرب الإنجليزية تلغرافا قصيرا "انتهت الحرب.. لا ترسلوا مددا إلى مصر"[58]!
أما جناب الخديوي توفيق فقد استمر في الإسكندرية، يتلقى التهاني بهزيمة المصريين في التل الكبير!
ثم استقل قطاره الخاص، ليدخل القاهرة بعد غياب شهور، ولكن في حماية الإنجليز، الذين اصطفوا على جانبي الطريق، وزُينت المدينة الحزينة لاستقباله[59] بعدما أنقذ البلاد من فتنة عرابي!
لكن البلاد لم تكن كلها حزينة، في كل محطة توقف فيها قطار توفيق لقي حفاوة من الأهالي، لكنهم جماهير تختلف تماما عن تلك التي كانت تهتف لقطار عرابي قبل أسابيع في طريقه إلى التل الكبير "الله ينصرك يا عرابي"..
ولما وصل القاهرة أطُلقت المدافع من المحطة والقلعة تحية لسموه!

وفي يوم 26 سبتمبر، حصلت المصالح الحكومية على إجازة لتهنئة سمو الخديوي العظيم على نصره المبين! وازدحم الطريق إلى سراي الجزيرة .. وامتلأ كوبري قصر النيل بالعربات والخيول، تزينه الزينات.. وقابل توفيق بعض العلماء ومشايخ الطرق الصوفية يهنئونه على النصر المبين[60]!

واحتفل أهالي العاصمة بالضباط الإنجليز، وأنابوا عنهم سلطان باشا في تقديم هدية من الأسلحة الفاخرة إلى الأميرال "سيمور" والجنرالين "ولسلي" و"دروري لو"[61]، وجمعوا نقودا من الناس؛ وصنعوا لقائد جيش الاحتلال سيفا ومسدسين مرصعين بالماس، وكتب عليهما سلطان باشا: "هدية ومعرفة جميل من المصريين.. شكرا له وولسلي.. على إنقاذ البلاد من غوائل الفتنة العاصية"[62]!

وبدا لتوفيق والإنجليز أن كل المقاومة انتهت، وأيام الثورة قد ولت، والنظام القديم عاد ليمارس ظلمه وتجبره، لكنهم كانوا واهمين! فالنار التي نفخها الأفغاني لم تخبو بعد، والأمل لم ينتحر من الصدور! 



[1] ذكر بلنت والرافعي جواب الخديوي بهذا الشكل "كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا خديوي البلد وأعمل زي ما أنا عاوز"
[2] سمير محمد طه، عرابي ودوره الحياة السياسية المصرية، ص 103. بلنت، التاريخ السري، ص 111. الجدير بالذكر أن أحمد شفيق باشا في مذكراته لا يذكر تلك الجملة، وإنما يقول بأن دور توفيق في المظاهرة انتهي بعدما قدم عرابي طلباته (ص 121).

وننوه بأن الصورة المتخيلة للقاء يبدو فيها عرابي على صهوة جواده وهو يخاطب الخديوي توفيق، وهو أمر غير صحيح، فقد أمر أحد الحراس الخصوصيين لتوفيق عرابي بالترجل عن جواده وإغماد سيفه ففعل (انظر وصف المشهد في: أحمد شفيق، مرجع سابق، ص 121)، أما عرابي فقد ذكر صراحة أن توفيق أمره بالترجل وأن يغمد سيفه ففعل (انظر: بلنت، مرجع سابق، ص 111).
وعلى هذا فأن الصورة المشهورة لعرابي على حصانه يخاطب توفيق ليست إلا تزويرا متعمدا للتاريخ!    
[3] الرافعي، عرابي، ص 60. سمير محمد طه، مرجع سابق، ص 104
[4] بلنت، التاريخ السري، 113، 114.
[5] عبد الرحمن الرافعي، أحمد عرابي، ص 75
[6] عبد الرحمن الرافعي، المرجع السابق، ص 76
[7] الرافعي، مرجع سابق، ص 84
[8] الرافعي، مرجع سابق، 84
[9] كشف الستار، ص 114
[10] كشفت الستار، ص 114
[11]حسين فوزي النجار، أحمد عرابي .. مصر للمصريين، سلسلة أعلام العرب، العدد 141، ص 126
[12] بلنت، مرجع سابق، ص 133.
[13] سمير محمد طه، مرجع سابق، ص 117
[14]الرافعي، عرابي، ص 89
[15] كشف الستار، ص 138. تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 246، 247
[16] قدر بلنت القتلى بمائتي شخص (انظر: بلنت، مرجع سابق، ص 228). ويقدرهم الرافعي بـ 49 شخصا منهم 38 من الأجانب (انظر: الرافعي، أحمد عرابي، ص 119).  
[17] بلنت، مرجع سابق، ص 228
[18] تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 230، ويقول الإمام محمد عبده إنه زار سراي الخديوي ورأي موظفيها يضحكون من تعهد عرابي بالمحافظة على الأمن! بلنت، مرجع سابق، ص 230، 231
[19]تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 231. النجار، ص 151
[20] بلنت، مرجع سابق، ص 231
[21]بلنت، مرجع سابق، ص 232
[22] كشف الستار، ص 138. بلنت، مرجع سابق، ص 231
[23] كشف الستار، ص 139.
وحينما شكل توفيق لجنة للتحقيق جعل رئيسها عمر لطفي رئيسا لها وأعضاءها من حزبه! (انظر: بلنت، مرجع سابق، ص 232).
وكان عرابي حالما حينما تغاضي عن محاكمة المخلين بالأمن. فسمح بتسامحه للثورة المضادة أن تخطو للإمام لإشعال البلاد بالفوضي
[24] كشف الستار، ص 140
 [25]الأساس الاجتماعي للثورة العرابية، ص 179
[26] بلنت، مرجع سابق، ص 233
[27] كشف الستار، ص 141
[28] كشف الستار، ص 141
 [29]كشف الستار، ص 142
[30] أحمد شفيق، مرجع سابق، ص 158.  
[31] أحمد شفيق، مرجع سابق، ص 162
[32] سمير محمد طه، مرجع سابق، ص 159
[33] النجار، ص 159
[34] تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 250
[35] تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 252، 253
[36] بلنت، مرجع سابق، ص 512
 [37]كشف الستار، ص 174
[38] تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 255. الرافعي، أحمد عرابي، ص 169
[39] بلنت، مرجع سابق، ص 522
[40] بلنت، مرجع سابق، ص 511
[41] الرافعي، الثورة العرابية، ص 381
[42] علي الحديدي، عبد الله النديم، ص 236
[43] نص المنشور في كتاب أحمد شفيق، مذكراتي في نصف قرن، ج 1، ص 183، 184
[44] سامي عزيز، الصحافة المصرية وموقفها من الاحتلال الإنجليزي، ص 68
[45] أحمد شفيق، مرجع سابق، ص 188
[46] شفيق، مرجع سابق، ص 192
[47] يؤكد هذه المعلومة شفيق في صفحة 186، ويذكر "الهبات المالية – وليست الرشاوى - التي كان الإنجليز يغدقونها على العربان". تاريخ الأستاذ الإمام، ج 1، ص 258، ويذكر أن المبلغ 30 ألف جنيه، وكان ذلك بمعاونة سلطان باشا رئيس مجلس النواب، واقترح أن توزع الأموال باسم السلطان والخديوي، ونال مكافأته من توفيق بعد هزيمة الثورة، 10 آلاف جنيه! 
[48] عبد الرحمن الرافعي، أحمد عرابي، ص 185.
[49] ومن طريف ما يذكر أن خنفس الخائن من قرية دقادوس، بلدة الشيخ الشعراوي، والذي يذكر في مذكراته "إمام الدعاة" إن خيانته كانت سبة في جبين القرية كلها، حتى أصبحوا يخجلون من هذه الذكري السيئة، ويعايرهم بها أهالي القري المجاورة.  ونشأت أسرة خنفس متعصبة جدا للسياسة لكي تنسي هذه الواقعة .. وانخرطت بشدة في الحركة الوطنية لكي تمحو هذا العار " (مذكرات الإمام الشعراوي، ص 81).
[50] بلنت، مرجع سابق، ص 522
[51] الخفيف، مرجع سابق، ص 201
[52] الخفيف، مرجع سابق، ص 206. الرافعي، الثورة العرابية، ص 390. بلنت، مرجع سابق، ص 548
[53]الرافعي، مرجع سابق، ص 389
[54] أحمد شفيق، مرجع سابق، والرافعي يقدراها بـ 20 دقيقة فقط
[55] الرافعي، أحمد عرابي، ص 190
[56] محمود الخفيف، مرجع سابق، ص 208
[57] الرافعي، الثورة العرابية، ص 379-398
[58]الرافعي، مرجع سابق، ص 400
[59] الرافعي، مرجع سابق، ص 408
[60] أحمد شفيق، مرجع سابق، ص 215
[61] أحمد شفيق، مرجع سابق، ص 219
[62] علي الحديدي، النديم، ص 271. الخفيف، مرجع سابق، ص 235