الأحد، 18 مايو 2008

معجزات الرسول

صعد الخطيب إلى المنبر فاشرأبت الأعناق نحوه وتعلقت به الأبصار ليبدأ الخطيب في حديثه

بعد الصلاة والسلام على رسول الله وبمناسبة ذكرى ميلاد المصطفى أعلن الخطيب أننا يجب أن نحى حب الرسول في قلوبنا لأن محمد رسول الله هو أعظم البشر وقد أيده الله بالمعجزات ومنها – على حسب قول خطيبنا – شهادة الذئب له بأنه رسول الله فقد قال البخاري حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فقال الناس سبحان الله بقرة تكلم فقالت فانى أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم قال وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلبه حتى استنقذها منه فقال له الذئب هذا استنقذتها مني فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري فقال الناس سبحان الله ذئب يتكلم قال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر

واستمر الخطيب يسرد لنا معجزات الرسول,ومنها أن اعرابي قال للرسول يوما لن أؤمن بك حتي تؤمن بك هذه الشجرة فنادي الرسول على الشجرة فأتت إليه مهرولة وتقول : لبيك يا رسول الله فلما رأى الأعرابي ذلك أيقن انه رسول من عند الله فآمن به ,, وهكذا استمرت الخطبة إلي أخرها .


كنت استمع إلي كلمات الخطيب وأنا أتمني أن ينتهي من كلامه فلا ينبغي ان يكون هكذا احتفالنا بالرسول ...كنت أتمنى أن نركز على الجانب الانسانى فى حياة الرسول , على أخلاقه التي امتدحها رب العالمين قائلا " وانك لعلى خلقا عظيم " , كنت أتمني أن نعرف أكثر عمن هو محمد وكيف كان متواضعا غاية التواضع , كيف كان يعامل أصحابه ويستميل قلوب جميع من يعرفه , كيف كان يعامل زوجاته باللين واليسر؟

وأنا أريد أن اطرح سؤالا هاما وهو ماذا نستفيد من كل هذه المعجزات ؟ هل تقدم لنا موعظة؟ هل تزيد القلوب إيمانا وتعلقا بحب الرسول ؟ هل تكسب قلوبا جديدة وتستمليها إلى الإيمان ؟ لكن قبل الإجابة على هذه الأسئلة فلنطرح أولا سؤالا هاما وهو : ما هي المعجزة ؟

المعجزة هي الأمر الخارق للعادة , والمعجزات كانت إحدى الوسائل التي أيد الله بها رسله الكرام

  • معجزة نوح عليه السلام السفينة التي بناها وسط الصحراء وسط سخرية قومه لتكون هى وسيلة نجاته هو والمؤمنين
  • معجزة إبراهيم عليه السلام النجاة من النار
  • معجزة صالح عليه السلام الناقة
  • معجزة موسى عليه السلام العصا
  • معجزة السيد المسيح ابراء الأكمة والأبرص واحياء الموتي ونزول المائدة من السماء

لكن كل هذه المعجزات وقتية ... اى أنها غير مستمرة وقد انتهت مع انتهاء زمنها ووقتها , لكن ليس معني ذلك أننا ليس مطالبين بالإيمان بها.. أننا مطالبين بالاعتقاد في صدقها والإيمان بها

أما معجزة القرآن الخالدة فهى القرآن ... وقد يعتقد البعض أن القرآن معجز فقط فى أسلوبه وبيانه وهذا وهم كبير فالقرآن ليس كتاب أدب ولا شعر" وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)"

لكن القرآن معجز لأنه قدم منهج حياة متكامل , كتاب يحث على مكارم الأخلاق , كتاب يدعو البشر جميعا إلى العيش فى سلام

ودعوني انقل هذه الكلمات من كتاب الدكتور حسين مؤنس الإسلام في عشرين آية " معجزة محمد الكبري هى القرآن الكريم فان القرآن يحمل فى ذاته برهان صدقه وآلاء قوته وبراهين صدوره عن الله سبحانه وتعالي اذ لا يتأتي صدوره عن غير الله , لا من ناحية أعجاز اسلونه وعجائب بلاغته وبيانه وروعة إنشائه وبنيانه فحسب , بل لان آياته تحمل فى ذاتها براهين صدقة حتى أذا قرأها غير العربي الذي لا يقتدر على الإحساس ببلاغتها آمن بها أذا أراد الله له الهدى"

نستخلص من هذا ان كل المعجزات التي قالها خطيبنا على منبره معجزات وقتية , وحتى لو كانت صحيحة وحدثت بالفعل فهى لأهل زمان الرسول ... معجزات أيد الله بها رسوله حتي يستميل بها قلوب بعض أهل زمانه

ولنساءل سؤال آخر أذا أردت أن تقنع شخص غير مسلم بالإسلام وان محمد هو رسول الله حقا هل يمكن أن تحكى له هذه المعجزات ؟

أليس الأولى بنا أن نهتم ببيان مدى سماحة الإسلام ومدى عظمته وكيف انه دين يساوى بين الأحمر والأبيض والأصفر والأسود , دين لو طبق لسعدت كل البشرية

دين لخصه ربه فى قوله " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

ولنساءل سؤال أخر ... أليس غريبا أن يسكت القرآن عن كل هذه المعجزات التي لا يمل خطبائنا عن تكرارها يقول تعالى

(وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً (95) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (96))

وهذه الآيات صريحة فى أن دعوة الرسول لا تقوم على معجزات ... معجزة الرسول القرآن , وحتى نكون واضحين جدا نقول أن معجزة الإسلام هى القرآن وشخصية الرسول محمد .. نعم الاثنان معا لان محمد رسول الله كان قرآن يمشى على الأرض ,قالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها " كان خلقه القرآن"

والقرآن يخبرنا أن لنا فى رسول الله أسوة حسنه ... " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً"

إذا كنا نحب محمد فلنتبع قرآنه وسنته ولنعرف كيف كان يعيش محمد, كيف كان عظيما فى أخلاقه ... ولنعرف أن محمد عليه السلام قال عن رسالته " أنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "

وقبل أن انهي كلامي أرجو أن لا يعتقد البعض بأني لا اعتقد بحدوث معجزات للرسول , فأنا بالفعل اعتقد في صدق أكثرها ... كل ما أريد أن أقوله من موضوعي هذا أن هناك جوانب عظيمة فى حياة رسول الله تحتاج إلى الكشف عنها لكي يكون لنا فى رسول الله أسوة حسنة , ذلك الإنسان الذي بعثه الله من قلب صحراء الجزيرة العربية ليبني دين هو خير الأديان ويربي أمه هي خير الأمم ما دامت متمسكة بكتاب الله

الحديث لم ينتهي فانتظروني

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

موضوع جميل وحلو , لكن يا ريت توضح لنا الموضوع اكثر