الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

يهود فلسطين ليسوا من نسل بني إسرائيل



في كتاب كان سبب في وفاته..

جمال حمدان: يهود فلسطين ليسوا من نسل بني إسرائيل


تقوم الدعاية الصهيونية علي ركنين أساسيين, الأول أن اليهود تعرضوا طوال تاريخهم للاضطهاد , وبلغ هذا الاضطهاد مبلغه في ألمانيا النازية, ويستدر اليهود عطف العالم بهذه الأسطورة, والركن الثاني أن اليهود يحق لهم تأسيس وطن قومي في فلسطين لأن يهود بني إسرائيل بعد أن خرجوا منها ظلوا بمنأى عن الاختلاط الدموي مع الشعوب التي انتشروا بينها, وعلي هذا فيهود اليوم هم النسل المباشر لبني إسرائيل التوراة, شعب الله المختار, الذي وهبه الله ارض الميعاد.

وفي فبراير عام 1967 أصدر جمال حمدان كتاب "اليهود أنثروبولوجيا" يهدم فيه, علي أساس علمي, كل تلك الدعاية الصهيونية , حيث أثبت أن 95 % من اليهود المعاصرين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين , كما أثبت كذلك ان الاضطهاد الذي تعرض له اليهود لم يكن بسبب التعصب الديني وإنما يرجع إلي طريقة حياة اليهود واستعلاءهم علي غيرهم من الأمم.

وتقوم  خطة جمال حمدان في كتابه الصادر عن دار الهلال على تتبع الأصول الجنسية والدينية لليهود , ثم تتبع انتشار اليهود في العالم , ليصل بعدها إلي تحليل التكوين الأنثروبولوجي لليهود حتى نعرف : منم هم وما الدماء التي تجري في عروقهم؟ وإلي أي حد ينتمون إلى أصولهم الأولي ؟ وإلي أي درجة من القرابة ينتسبون إلي العرب ؟. ( الأنثروبولوجي هو علم دراسة البشر ، في كل مكان وطوال الوقت, وتتعلق أسئلته الأساسية بـ ما الذي يميز الإنسان من ناحية الصفات الجسدية, ولماذا هناك تباينات واختلافات بين المجموعات المختلفة من البشر).

 

اليهود في التاريخ القديم


أول ما نسمع عن اليهود في التاريخ مع سيدنا إبراهيم في القرن 18 قبل الميلاد في جنوب العراق , وهاجر مع قومه حتى وصلوا إلي حوران في فلسطين, وهناك يولد لإبراهيم سيدنا اسحق , ولاسحق سيولد سيدنا يعقوب, ومن أبناء يعقوب الاثني عشر ستتأصل الأسباط في التاريخ والتوراة.

وحينما وصل اليهود فلسطين وجدوها مسكونة بالكنعانيين, فدخل الطرفان في حرب انتهت بسيطرة العبرانيين علي التلال والأراضي المنخفضة الفقيرة الداخلية في حين ظلت السهول الغنية في أيدي الكنعانيين الأصليين.

وبعد 150 عاما فقط من هجرة إبراهيم, يهاجر يعقوب وأولاده إلي مصر بسبب القحط الشهير, وفيها استقروا بأرض جاشان ( وادي الطميلات والشرقية) نحوا من 350 عاما إلي أن خرج بهم سيدنا موسى حوالي 1300 ق . م هربا من انتقام فرعون لتعاونهم في خيانة واضحة مع الهكسوس غزاة مصر.

خرج اليهود من مصر إلي سيناء, ويعاقبهم الله بـ"التية" في سيناء 40 عاما  حتى قادهم يشوع إلي نهر الأردن حيث انتزعوا بعضا من أرض كنعان الداخلية. وفي عام 1000 ق . م يؤسس داود عليه السلام مملكة إسرائيل واتخذ من أورشليم, أي مدينة السلام, عاصمة له , لكن دولته انشطرت بعد خليفته سليمان إلي مملكتين, مملكة يهوذا في الجنوب ومملكة إسرائيل شمالا في السامرة , وأصبحت الدولتين متحاربتين حتى قضي سرجون الآشوري عام 721 ق م علي الدولة الشمالية وقضي نبوخذنصر البابلي علي الدولة الجنوبية في 586 ق م .

اليهود في الشتات


تعرض اليهود لثلاث أو أربع مراحل من الشتات, بدأت الأولي مع سرجون الآشوري الذي نقل كثير من إسرائيلي السامرة إلي بابل, كما نقل نبوخذنصر أغلبية اليهود إلي بابل, وحينما سمح الفرس بعد نصف قرن لليهود بالعودة عادت قلة ضئيلة تقدر بنحو 50 ألفا , أما الأغلبية فبقيت في العراق وانتشرت في فارس وأفغانستان وبخاري وسمرقند, والقوقاز والهند والصين.

أما يهود الجزيرة العربية فيقول حمدان أنه لا يوجد دليل يؤكد انتمائهم إلي يهود الشتات البابلي , والأرجح أنهم عرب تحولوا إلي اليهودية وليسوا من يهود فلسطين , وكذلك الحال ليهود اليمن فقد تحول عدد كبير من سكان البلاد إلي اليهودية.

والشتات الثاني هو الشتات الهلليني الذي بدأ مع فتوح الإسكندر واستمر مع السلوقيين والبطالسة ثم البيزنطيين. حيث أنتشر اليهود في كل أنحاء العالم الهللينستسي والبيزنطي , في الإسكندرية كانوا يشكلون ثلث سكان المدينة, وعدا مصر تركز اليهود في مركزان: البلقان و سواحل البحر الأسود, وأرسل يهود البلقان عناصر منهم إلي الروسيا.

ولعب التتار دورا مهما في التاريخ اليهودي فقد تحولت دوله الخزر التترية إلى اليهودية في القرن السابع أو الثامن الميلادي وبهذا أصبح في المنطقة يهود أصليين ويهود متحولين من السكان المحليين.

الشتات الروماني هو الشتات الثالث, فقد خرب الرومان أورشليم في مذبحة عام 70 م , وحينما عاد اليهود للثورة 135 م عاقبهم الرومان بمذبحة نهائية قضت وإلي الأبد علي علاقة اليهود بفلسطين كدولة وكقومية. 

وقام الرومان بنفي من تبقي علي قيد الحياة من اليهود إلي سائر أنحاء الإمبراطورية, وكان عددهم 40 ألف فقط , وفي القرن الخامس الميلادي وصل العدد ما بين 4 و 7 ملايين , أي أنهم ضاعفوا أنفسهم بين 100 و 180 مرة , وهذه الزيادة قد تعني أن تزايدهم كان بالتحول والتبشير كما سنري. .

بعد هذه المذابح طرأ تحول جذري علي اليهود, فتاريخهم دموي حربي كله عدوان وغزو, وتغلب عليهم  صفه الشراسة والعنف أما بعد هذه المجازر فقد تحول اليهودي فجأة إلي شخصية مستضعفة خانعة تحقق أغراضها بالوسائل الملتوية والتزيف والمكر والخديعة وذلك لان هذه المجازر أبادت عناصر المناضلة والمقاومة  ولم يبقى إلا عناصر الجبن والمسكنه والخبث الذي عرفوا به في كل العالم إلى اليوم.

نصل أخيرا إلي الشتات الحديث, وبدأ مع اكتشاف الأمريكتين وهجرة عدد كبير من اليهود إلي أمريكا حتى أصبحت تضم أكبر عدد من اليهود في العالم . ومع الاضطهاد النازي خرجت أعداد كبيرة أخري إلي الولايات المتحدة وتوجهت أعداد أخرى إلي فلسطين, غير أن المستقبل القريب جدير بأن يثبت أن إسرائيل لن تكون إلا مجرد مرحلة في رحلة الشتات التاريخية. مجرد جملة اعتراضيه في تاريخ فلسطين.

طوائف اليهود الثلاث

ينقسم اليهود في العصور الحديثة إلي ثلاثة طوائف أساسية, وهي الأشكناز والسفاردي واليهود الشرقيين.

الأشكناز والسفاردي كلمتان قديمتان في التوراة استعارتهما اليهودية في العصور الوسطي لتميز بين يهود ألمانيا ويهود أسبانيا علي الترتيب. اعتقادا منهم بأن يهود ألمانيا ينحدرون من نسل قبيلة بينامين. والسفارديم يدعون أنهم "أرستقراطية" اليهود, لكن الأشكناز يؤلفوا الأغلبية العددية والطبقة المتفوقة حضاريا إلي حد ما لدرجة أنهم يحتقرون السفارديم.

وينتشر الأشكناز اليوم في غرب ووسط وشرق أوروبا , بالإضافة إلي العالم الجديد , وجنوب أفريقيا واستراليا. في حين يمثل السفارديم يهود البلقان والشرق الأدنى , وبعض المستعمرات والجاليات المبعثرة علي شواطئ البحر المتوسط بالإضافة إلي امتدادهم في العالم الجديد.

أما اليهود الشرقيين, فأنهم يمثلون مجموعة قائمة بذاتها استمدت أصولها القديمة من فلسطين, وهم إذا كانوا الأقرب إلي الأصول الفلسطينية فأنهم الأقل عددا ومرتبة بين اليهود, وينظر إليهم السفارديم والأشكناز نظرة احتقار وازدراء.

مجتمع الجيتو


في كل الأماكن التي انتقلوا إليها عاش اليهود في مكان خاص بهم وحدهم, وربما يعود سبب هذه العزلة إلي قوانين الدول التي عاش فيها اليهود احكاما للرقابة عليهم ومنع اختلاطهم بغيرهم , ولكن كثيرا ما ترجع هذه العزلة إلي صنع اليهود أنفسهم سعيا منهم إلي التركز والاحتشاد في نقطة واحدة ضمانا للحماية.

واليهودي مرتبط دائما بالمال والتجارة والسمسرة والربا أبدا, ويكره العمل اليدوي الشاق أو في الخلاء, يكره الجهد الجسماني عامة, ويفضل أن يعيش بعقله لا بعضله. من هنا يبتعد عن الزراعة والصناعة ويركز علي العيش في المدن حيث الأعمال الحرة والمعاملات التجارية والنشاطات المصرفية والمالية ...الخ. وهذا الأمر هو سبب كراهية الأمم لهم, ولعله – أكثر من التعصب الديني – المصدر الأول لاضطهادهم ومقتهم.

الأصل الجنسي لليهود


نصل الآن إلي أساس الدعاية الصهيونية, فبعد كل هذا الشتات الذي تعرض له اليهود تحاول أن تسخر الأنثروبولوجية لتثبت أن يهود بني إسرائيل بعد أن خرجوا من فلسطين حافظوا علي نقاءهم الجنسي.

يفند جمال حمدان تلك الأساطير بالأساليب العلمية, ويقوم بالمقارنة بين الصفات الجنسية التي تميز بها يهود التوراة ويهود اليوم, علي سبيل المثال يقول أنه من الشائع أن اليهودي قصير القامة , لكن هذه الصفة لا تدل علي وحدة الأصل الجنسي لليهود اليوم , فهناك تفاوتا محسوسا بين مجتمعات اليهود المختلفة من ناحية القامة , كما أن القامة صفة مكتسبة وظاهرة اجتماعية أكثر مما هي وراثية حيث تسود في مجتمعات الجيتو بسبب حياة التوتر والخوف من الاضطهاد والزواج المبكر , وحين تزول تلك الأسباب فان قامة اليهودي تنطلق.

وبعد أن يتتبع حمدان دراسة باقي صفات اليهود الجنسية, من الوجه والطول والصدر والقامة ولون البشرة مقارنا بين يهود التوراة ويهود اليوم, يصل إلي هذا الحكم:  واضح تماما إذن أن الحديث عن وحدة جنسية بين اليهود ككل لا محل له من حقيقة أو علم علي الإطلاق. وأن اليهود لا يعرفون الوحدة الجنسية أكثر مما يعرفون الوحدة الجغرافية . وواضح بالتالي أن النقاوة الجنسية "خرافة". 

ويؤكد حمدان أن هذه الحقيقة لم تكن حتى موضع جدال بين العلماء , ويستشهد بأقوال بعضهم مثل هوتون Hooton الذي يقرر بجزم قاطع "حقيقة هي لا شك فيها أن اليهود مختلطون جنسيا ومن وأصول طبيعية متنوعة".

والسؤال الآن : كيف تم اختلاط أو تخليط اليهود ؟ وما هي الأدلة والشواهد عليه؟ .. لقد كان هناك طريقان أساسيان لانتشار اليهودية وتمددها : التحول الديني سواء من الوثنية أو المسيحية , والتزواج والامتزاج الدموي. ونجد أن يهود فلسطين التوراة تخلطوا في عقر دارهم مع جيرانهم من الفلسطينيين .

وطوال تاريخ اليهود نلمح ظاهرتين : أعداد كبيرة من غير اليهود تدخل اليهودية , وفي نفس الوقت أعداد من اليهود لا تقل ضخامة تخرج من اليهودية ,وبالتالي فأن جسم طائفة اليهود ليس ثابتا جنسيا بل هو متحرك. وفي النهاية يكاد يصبح جسم اليهود في آخر المطاف مختلف انثروبوجيا عن يهود التوراة إن لم يكن لا علاقة لهم بهم تقريبا. ويقرر حمدان حقيقة خطيرة : أن اليهود جنسيا آريون أكثر منهم ساميين أو بتعبير آخر إنهم أوروبيون يهودوا أكثر منهم يهود تأوربوا .

ويؤكد حمدان: أننا لا يمكن علميا أن نستبعد من بعض يهود العالم نسبة ما من الأصل الفلسطيني القديم , لكن هؤلاء لا يزيدون علي نسبة بالغة الضآلة إلي أقصي حد. وقد توصلت دراسة لعالم بريطاني أن 95 % من اليهود ليسوا من بني إسرائيل التوراة وإنما هم أجانب متحولون أو مختلطون.

الصهيونية تتاجر بالاضطهاد


أن الصهيونية تعلم أن الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في أوروبا لا يرجع إلي التعصب الديني وحده بقدر ما يرجع إلي طبيعة حياة اليهود وانعزالهم وطبيعة حرفهم الابتزازية ومركب إحساسهم المتضخم بأنفسهم وادعاءاتهم بالتفوق الموهوم, وتعلم أيضا أن عصور الإقطاع والحكم المطلق والطبقية كانت بيئة ملائمة ودافعة لهذا الاضطهاد.

وهي الصهيونية تري أن روح الليبرالية المعاصرة وتطور الوعي في المجتمعات الصناعية والتسامح الديني كلها طفرات تهدد بانتهاء اضطهاد ونهاية ضد السامية . وبالتالي تهدد بسقوط الستار الحديدي الذي فرضه اليهود علي أنفسهم وتهدد بذوبانهم في شعوب الأمم الأخرى.

ومن هنا تشدد الصهيونية في استبقاء مناخ الاضطهاد وتجسيد أسطورته إلي الأبد لتوقف تيار الذوبان الغلاب الذي يفرض نفسه ويتمثل في التزواج المختلط مع غير اليهود, وفي تحول بعض اليهود إلي عقائد أخري.

ويتنبأ حمدان ان يتناقص لهذا السبب يهود أمريكا مع تسارع العلمانية. من هنا نفهم كيف أن الصهيونية "تتاجر" بالفعل في الاضطهاد, وتراه ضمان بقائها .

أفكار خاطئة


مادام اليهود لم يعودا من الساميين فيمكننا أن نري الخطأ الشائع في تسمية اضطهاد اليهود بمعاداة للسامية فنحن في الحقيقة إزاء "ضد اليهودية", الاضطهاد النازي لليهود في ألمانيا لم يكن في جوهره إلا اضطهاد ألمان لألمان , لا يقل معظمهم عنهم في الآرية والنوردية. وإنما يختلفون فقط في الديانة وطريقة الحياة .

يسقط كذلك ببساطة أي دعوى قرابة دم بين العرب واليهود . قد يكون يهود التوراة والعرب أبناء عمومة , لكن نسل اسحق ذاب في دماء غربية ووصل الذوبان إلي حد الانحلال حتى أصبحنا إزاء قوم غرباء لا علاقة لهم البتة بإسحاق.

ان اليهود اليوم إنما هم أقارب الأوروبيين والأمريكيين ومن هنا فأن اليهود في أوروبا وأمريكا ليسوا غرباء او دخلاء أجانب يعيشون في المنفي وتحت رحمة أصحاب البيت بل هم من صميم أهل البيت نسلا وسلالة لا بفرقهم عنهم سوي الدين, أذن اليهود غرباء فقط في فلسطين .

وانطلاقا من هذا يسقط كذلك أي ادعاء سياسي للصهيونية في ارض الميعاد . فبغض النظر عن أن القانون الدولي يتكفل بشجب ادعاءاتهم على أي أساس تاريخي أو ديني فان الانثروبوجيا تبدد أي أساس جنسي قد يزعمون في هذا الصدد. فمن ناحية ليس اليهود قومية ولا هم شعب أو أمة بل هم مجرد طائفة دينية تتألف من أخلاط من كل الشعوب والقوميات والأمم والأجناس . ومن ناحية أخري ليس لهم علاقة بفلسطين جنسيا أو أنثروبولوجيا وهم أجانب غرباء عنها. 

اغتيال جمال حمدان


في التسعينات بدأ حمدان في كتابة مسودة كتابه اليهودية والصهيونية, وربما كان يقوم بالتوسع في عرض فكرة كتاب اليهود أنثروبولوجيا . لكن في أحد الأيام عثر علي العالم الجليل مقتولا في شقته, والبعض قال أنه مات محترقا أثناء أعداد كوب شئ لنفسه حيث كان يعيش في عزله, لكن البعض الآخر يرجح وجود يد للموساد الإسرائيلي خاصة مع اختفاء مسودة الكتاب الجديد.

ليست هناك تعليقات: