الخميس، 24 أكتوبر 2013

مدير بحوث آثار القاهرة لـ"محيط" : التكايا الأثرية إيجارها جنيه شهريا!!

  التنسيق بين الآثار والأوقاف يعيد رونق التراث الإسلامي
شرطة الآثار ضرورة ملحة
تشغيل الأسبلة طوق النجاة الأخير لها
بئر يوسف وسرداب الناصر محمد معطلين!
التيار المتشدد سبب تراجع السياحة الشيعية في مصر 

تمتلك مصر العديد من الآثار على اختلاف العصور، فيما ينقصنا عنصر الدعاية لتحقيق عوائد مالية ضخمة مثلما نجحت تركيا ، لكن القوانين البيروقراطية تعوق تطوير العمل الأثري، هذا ما أكده الدكتور ضياء زهران – مدير عام البحوث والدراسات  بآثار  القاهرة والجيزة -  خلال حواره مع شبكة الإعلام العربية "محيط".
زهران أضاف أن وزارة الأوقاف مطالبة بالكشف عن الأوقاف الخاصة بالجوامع الأثرية ، أو على الأقل أن تقوم بدفع تكاليف نفقات الترميم لوزارة الآثار ، مع تغيير القيمة الإيجارية للحوانيت الملحقة بالجوامع والتي لا تزيد أحيانا عن قروش قليلة ، مضيفا أنه يعتقد أن الإعلام مارس "إرهابا" على المسئولين ليرفضوا فكرة حق الانتفاع  بالمواقع الأثرية ، مؤيدا قدوم السياحة الشيعية إلى مصر


كيف يمكن أن نحقق رواج سياحي في مصر مثلما نجحت تركيا التي تمتلك من الآثار القليل؟

فيما يخص الآثار الإسلامية ينقصنا الدعاية والترويج لها وبيان النقاط المضيئة في كل أثر والعبقرية المعمارية الإسلامية ، على سبيل المثال مقياس النيل والذي يُنسب للخليفة العباسي المتوكل على الله (247 هـ /861 م) لابد أن نركز على أنه بواسطته كان يتم تحديد قيمة الضرائب ، حيث يوجد في المقياس عمود مدرج يتم من خلاله قياس مقدار فيضان نهر النيل، وعليه تحدد الحكومة قيمة الضرائب التي تفرض على الفلاحين ، أي أنه لم تكن هناك ضرائب عشوائية..
وعندك مثال آخر في مئذنة جامع أحمد بن طولون (263 -265 هـ /876 – 878 م)، والتي لم تتأثر بزلزال أكتوبر عام 1992 ، وحينما تم إجراء بحث هندسي على المئذنة لبيان مدي سلامتها ، أكد البحث الهندسي أن المعماري المسلم راعي إمكانية حدوث زلازل ، فجاء تصميمها لتقف قوية في وجه أي هزة أرضية ، حدث ذلك قبل أكثر من ألف عام ، بينما نحن الآن نبني عمارات وتسقط بعد سنوات قليلة..
الخلاصة لابد أن تقوم الدعاية بإظهار عبقرية المعماري المسلم في كل العمائر والتحف الفنية التي شادها، مما سيجذب السائح.. وحينما يأتي السائح لابد من توفير كتيب لكل أثر، يبين ما هو، ووظيفته، وتكوينه المعماري والزخرفى، مع توفير صور أو cd تعطي مزيد من المعلومات
وبالنسبة للعنصر البشري، لابد من توظيف أفراد يجيدون لغات عدة ، بحيث يستطيعون إرشاد السائح.. وأيضا من الضروري تسهيل وصول السياح إلى الآثار عن طريق توفير خرائط للقاهرة وتحديد المواقع الأثرية عليها وكيفية الوصول إليها ، وأسعار التاكسيات حتى لا يتعرض السائح للنصب


كتبت على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أن سائح طلب أن يشاهد منظر غروب الشمس من فوق القلعة مقابل دفع مبلغ مالي .. لكن طلبه رفُض لأنها تغلق أبوابها الخامسة مساء !!

هذا بالفعل حدث، وذلك لأن مواعيد العمل في معظم المواقع الأثرية تبدأ من الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة الرابعة أو الخامسة مساء ، وهناك بعض المتاحف التي تم مد موعد غلقها مثل المتحف المصري.
وبالنسبة للقلعة؛ بعض السياح يرغبون في رؤية غروب الشمس من فوقها، لكن القانون يمنع ذلك لأن موعد الإغلاق الساعة الخامسة ، فإذا أراد السائح أن يجلس فعليه أن يدفع 5 آلاف جنيه رسوم فتح المنطقة بعد مواعيد العمل الرسمية ، وهو أمر يستصعبه بعض السياح ، وبالتالي فليس من المعقول أن يدفع فرد لوحده مبلغ 5 آلاف جنيه في حين أن تذكرة الدخول في الأصل 50 جنيها ، لكن لو كانت  مجموعة فيمكن  أن يدفعوا مبلغ 5 آلاف جنيه.. ولحل تلك المشكلة نطالب بأن يتم مد فتح القلعة حتى الساعة الثامنة مساءا
وأعتقد أن المسئولين يتحججون بغلق القلعة مبكرا بزعم تأمينها، وهذا الأمر مردود عليه لأن القلعة مزودة بكاميرات مراقبة ، وليتها تغلق الساعة الثامنة ، وطبعا قرار المد يحتاج إلى قرار من الوزارة

ألا تري أن البيروقراطية هي السبب في تعطيل مسيرة مصر في مجال السياحة؟ 
القوانين موجودة منذ زمن طويل ، ولابد من تطويرها ، فالقلعة بوضعها الراهن يتم غلقها 15 ساعة في اليوم ، والأفضل لمصر أن يتم مد فتحها حتى الساعة الثامنة أو التاسعة مساءا ، والسماح بوجود كافتيريات أو مطاعم يري روادها من خلالها القاهرة ، وذلك طبعا بشروط تتناسب وطبيعة الأثر والحفاظ عليه ، وكل ذلك سيساهم في تحقيق دخل أكبر.. والدليل على ذلك أن عرض التنورة حينما كان يتم تنظيمه ليلا ؛ كان العديد من الناس يحرصون على متابعته ، حتى توقف بعد حريق مسرح بني سويف. كذلك لابد من فتح مزارات جديدة في القلعة، مثل سرداب الناصر محمد بن قلاوون، وصهاريج المياه ، وبئر يوسف والذي أغلق أبوابه منذ عام 1992 , وكلها مشاريع قليلة التكلفة.

ما رأيك في فكرة تأجير المواقع الأثرية التي أثيرت في الفترة الأخيرة ؟

في اعتقادي أن الموضوع أخذ طابع إعلامي، واتهام النظام بأنه سوف يبيع الآثار، مما أدي إلى إرهاب المسئولين ورفضهم بالتالي للفكرة ، لكن لو تمت دراسة المشروع دراسة متأنية لحقق نتائج رائعة ، فما الذي يمنع أن يتم منح أحدي الشركات حق الانتفاع بالقلعة مثلا بضوابط معينة ، وتقوم بإدارتها بشكل جيد ، بالمواصفات التي نتحدث عنها ، حيث ستفتح القلعة أبوابها حتى الساعة الثامنة ،وافتتاح الأماكن المكتشفة حديثا مثل سرداب الناصر محمد وبئر يوسف ، واستغلال القلعة في تصوير الأفلام أو المسلسلات التاريخية ، وإعداد غرف من قصر الجوهرة لإقامة من يرغب من السياح.. وأنا متأكد إننا سنجد من السياح من يعرض المبيت ليلة في غرفة بقصر الجوهرة أو الضيافة بالقلعة  مقابل مبالغ مالية ضخمة يمكن أن تصل إلى آلاف الدولارات .
 
ولو قمنا بذلك ونفذت الشركات تلك الأفكار وغيرها لحصلت مصر على أضعاف دخل القلعة الحالي.ومن وجهة نظري الشخصية.. لا أمانع في تأجير المواقع الأثرية ، بشرط وجود ضمانات معينة ، مثل أن تكون العمالة مصرية ، والحفاظ على سيادة الدولة ، وإمكانية تفتيش المكان في أي وقت ، وإمكانية فسخ العقد في حالة مخالفة شروطه ، على أن يكون هناك حد أقصي لعدد سنوات الانتفاع.      

وما رأيك في قدوم السياحة الشيعية إلى مصر؟

الدولة الفاطمية حكمت مصر أكثر من مائتي عام، وأنشأت العديد من الجوامع كالأقمر والحاكم بأمر الله والعديد من المشاهد مثل مشهد السيدة رقية، ومن حق السائح الشيعي أن يزور تلك الأماكن ، وبعدما تنتهي زيارته يغادر إلى بلده ، ولو كان الشيعة يريدون نشر مذهبهم ، فهناك طرق أخري غير السياحة مثل الإنترنت وموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أو الكتب. ولو كان لديً أنا تقبل المذهب الشيعي لأقبلت على شراء الكتب الشيعية.
ومنع السياحة الشيعية كان غير منطقي بسبب الضجة التي أثارها الإعلام ، وبعض أنصار التيار السلفي. لكن الحقيقة أن السائح الشيعي سيأتي إلى مصر ومعه برنامج سياحي لمدة عدة أيام فقط، وبالتالي فهو لا يملك الوقت ليقوم بنشر مذهبه بين المصريين ، ومن حقي كمصري سني أن أخاف إذا سُمح له بأن يمكث شهرين أو ثلاثة ، وقتها من الواجب اتخاذ الإجراءات الملائمة للحرص منهم.

المساجد الأثرية تقع في حيرة بين وزارتي الأوقاف والآثار..هل تري في ذلك الاشتباك ضررا على مساجدنا الأثرية؟

الأوقاف هي المالكة للمساجد، بينما تقوم الآثار بالإشراف عليها من ناحية الترميم.. وأعتقد أن الوضع الأفضل أن تقوم الجهة المالكة - وهي الأوقاف- بتدبير نفقات الترميم على أن تقوم به وزارة الآثار، لكن للأسف هذا لا يحدث وتتحمل الآثار وحدها كافة التكاليف، رغم أنها لا تحصل على دخل إلا من خلال السياحة
نقطة أخري، تتعلق بضياع العديد من الآثار المنقولة في مساجدنا نتيجة "توهان" المسئولية بين الوزارتين، خذ مثلا منبر المسجد، فالمفترض أن يكون في عهدة أحد موظفي الأوقاف، لكنه وللأسف لا يعرف قيمته ، مما يؤدي إلى سوء التعامل معه أو حتى ضياعه ، وفي رأيي من الضروري أن يتم وضع المنبر تحت مسئولية موظف محدد للحفاظ عليه ، وليعلم أنه في حالة فقده سوف يتم محاسبته.  
ويمكن أن يتم وضع المنبر في المتحف، فيما يتم تصميم منبر حديث ووضعه في المسجد، وكذلك الحال مع الآثار المنقولة كدكة المقرئ.

وما المشاكل الأخرى بين وزارتي الآثار والأوقاف؟

المعروف أن كل جامع له أوقاف يُصرف عليه منها ، فمن يبني جامع أو مسجد أو سبيل ، يوقف عليه أوقاف ، يُنفق من ريعها على مرتبات القائمين عليه ونفقات إصلاحه وترميمه ، وبالتالي لابد أن تساهم الأوقاف في ترميم المساجد ، فالآثار لا تملك الموارد الكافية للإنفاق على كل الجوامع الموجودة في مصر ، وعلى الأوقاف أن تكشف عن الأوقاف الخاصة بكل جامع ، أو على الأقل أن تدفع نفقات الترميم للآثار.
أيضا هناك مشكلة قيام الأوقاف بتأجير بعض الآثار منذ عشرات السنيين بأسعار بخسه ، مثل بعض الحوانيت الملحقة بالجوامع والتكايا ، فتجد مثلا دكان يدفع في الشهر نصف جنيه أو جنيه ، وربما تجده لا يدفع شيئا. والحل أن يتم رفع القيمة الإيجارية طبقا للأسعار الحالية ، مما يوفر  للمنشآت الأثرية دخل يساعد على ترميمها.

كيف يمكن إقامة علاقة طيبة بين الآثار والقاطنين بجوارها؟

أغلب الآثار الإسلامية موجودة فيما يطلق عليه  القاهرة التاريخية ، في الجمالية وشارع الصليبة ومصر القديمة وغيرها من الأحياء ، وكلها مناطق يغلب عليها الطابع الشعبي ، ومكتظة بالسكان ، وتعاني من مشكلات في الصرف الصحي والخدمات الأخرى وانتشار القمامة، فالمواطن ينظر للأثر للأسف على أنه مجرد حجارة ، فتجد صناديق القمامة أمام الآثار ، ولهذا لابد من القيام  بجهد من أجل توعية الأهالي بقيمة الآثار وأهميتها التاريخية وما يمكن أن يعود عليه من استغلالها سياحيا ، ليدرك أن الحفاظ عليها يعني قدوم سياح لزيارتها مما يحقق للوطن دخل مادي.
والدولة مطالبة بزرع ثقافة الوعي الأثري لدي السكان ، وربطهم بالأثر ، فالكتًاتيب التي تعلو الأسبلة يمكن أن تعود إلى سابق وظيفتها ، بتحفيظ أطفال تلك المناطق القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة والحساب في مرحلة ما قبل الصف الأول الابتدائي ، والأسبلة نفسها يمكن إعادة تشغيلها لتقدم الماء للمارة العطشى. وإعادة تشغيل الأثر له أهميته القصوى، وذلك لأننا لو تركنا الأثر كما هو بعد الترميم سرعان ما سيزحف الإهمال إليه ، لكن في حالة إعادة تشغيله ليستفيد منها السكان سنضمن الحفاظ عليه.

الآثار حاليا تتعرض للعديد من الاعتداءات.. كيف تري مستقبل الآثار حال استمرار الوضع الراهن؟

استمرار الوضع الحالي يعني أن العديد من الآثار في طريقها للتلف أو الاختفاء ، فلا توجد أموال تدخل إلى وزارة الآثار تساعدها على الترميم مما ينذر بمخاطر عدة ، ولإنقاذ آثارنا لابد من حدوث استقرار سياسي وأمنى ، وكذلك إنشاء شرطة متخصصة للآثار ، مهمتها الأساسية حراسة الآثار ، ورفع التعديات عنها بشكل سريع ، فالشرطة الحالية هي شرطة السياحة والآثار ، ومهمتها تأمين السياح بالدرجة الأولى ، فيما تزداد حالات التعدي على الآثار والبناء في حرمها.
وفي الأحوال العادية تأخذ الإجراءات وقت طويل حتى يتم إبلاغ الحي وقسم الشرطة ، لتتحرك القوات الشرطية لإزالة التعدي ، فيما يكون المتعدي قد أتم البناء ، ليبقي الحال على ما هو عليه.. ولهذا نحن في حاجة ماسة لشرطة خاصة بالآثار ، تتحرك بمجرد أن يحدث التعدي على الأثر ، فتقوم بالمعاينة ، والإزالة فورا.


 نص الحوار علي شبكة محيط
http://moheet.com/news/newdetails/727510/1/%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%A8%D8%AD%D9%88%D8%AB-%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D9%80%D9%85%D8%AD%D9%8A%D8%B7--%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7.html#.UmlcHFOTAmF

ليست هناك تعليقات: