الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

أبي .. هل تحبني؟!





هل تحب أبنك؟
قد يكون هذا السؤال غريبا, فمن منا لا يحب ابنه؟! .. لكن .. انتظر قليلا ولتقرأ معي الإجابة على هذا السؤال من واقع استطلاع للرأي, أظهر أن 10 % فقط من الآباء هم الذين يحبون أبناءهم!!.

ولماذا جاءت النتيجة على هذا الشكل؟
لأن الحب نوعان, الحب المشروط الذي تمنحه لطفلك حينما يقوم بسلوك مقبول, كأن يغسل أسنانه, أو يؤدي واجباته المدرسية, أو يساعد والدته في ترتيب البيت, أو يصلي صلوات اليوم, والحب غير المشروط الذي تمنحه لأبنائك بدون سبب, كأن تقبله, تمدحه, تثني عليه, تمنحه هدية بدون سبب, أو تخرج معه في نزهة لم يطلبها, تعلب معه وتمازحه, تحضنه وتربت على كتفه بدون سبب, تنصت إليه على الدوام, وتبدي اهتمامك به وبمشكلاته مهما كانت تافهة, وتدعمه.

والفارق بين الاثنين كبير.

الحب المشروط يجعل الطفل يشعر بأنه على المسار الصحيح, وأنه يستطيع الحصول على رضا الوالدين بالاستمرار في أداء السلوك المقبول.

وخطورته شعور الطفل بأن حب الأب والأم عبارة عن مقايضة, "تناول إفطارك حتى تحبك ماما", "نم مبكرا حتى يحبك بابا", "اسمع الكلام حتى نحبك".
وهنا يقف الطفل حائرا: هل عليَ أن استحق الحب لكي أحصل عليه؟ هل هي تحبني فقط حينما أكون نظيفا , ومتفوقا؟.

وليس هذا بحب.. 
فالحب الحقيقي ليس صفقة فيها طرف خاسر وأخر رابح.. الحب عطاء بلا حدود, سواء أخطأ الطفل أم أجاد.. وهذا هو الحب غير المشروط الذي يعطي الطفل أمانا داخليا, بأنه يحظي على قبول والديه وحبهما دائما, وإن إطاعة الأوامر والتعليمات أو خرقها ليس لها علاقة بهذا الحب.


ولخطورة الحب المشروط..
خبراء التربية يحذرون الآباء والأمهات من الاعتماد عليه فقط, لأن استخدام الجوائز والمكافآت تعتبر مناورة وتحكما في الأطفال. صحيح أنها تساعد الأطفال على ترشيد سلوكهم, لكنها تؤدي إلى إيذاء مشاعر الأطفال حينما تكون هي الاهتمام الايجابي الوحيد الذي يقدمه الوالدين.. بمعني آخر, إذ لم يقدم الوالدين للطفل الحب والابتسامات والجوائز إلا حينما يكون سلوك الطفل صوابا ومقبولا منهما, فإن الصغير سيشعر في نهاية المطاف أنه غير محبوب تماما وأن والديه لا يحبان لذاته بل يحبان السلوك الذي يقوم به.  
 
الحقيقة السابقة لا تقلل - عزيزي المربي - من أهمية الحب المشروط, بيد أنه لابد من البراعة في استخدامه بوعي وحكمة. وإحداث توازن بين "أحبك لأني أحبك" "وأحبك لأنك تقوم بهذا السلوك", ولتدرك أن الحب غير المشروط يتجلي في العديد من المواقف ومنها:

1-    التعبير بين وقت وأخر عن حب الطفل, بدون أن يكون الطفل قد أدي سلوكا حظي على رضا الوالدين.
2-    العفو عن زلات الطفل.. فعندما كان أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد في العاشرة من عمره, اشتري له والده "مهرة" من الشام, ولم تكن تألف رؤية القطار, ولهذا نصحه والده بالابتعاد عن السكة الحديدية. وذات يوم امتطي المهرة, وفاته أن يعمل بنصيحة والده, فسار بها علي طريق السكة الحديدية, وفاجأه القطار, فوثب من فوقها, وتركها وحدها, فهرولت  حتى وصلت إلى قريته, فذعر أهل القرية وظنوا أنه أصيب بمكروه. وعندما جئ به إلى والده خائفا يترقب متوقعا "علقة ساخنة", إذ بوالده يربت على كتفه قائلا: "لا تخالف أمري يا ولدي, ولا تسر مرة آخري على السكة الحديد". يقول أحمد لطفي" فأثر ذلك في نفسي, وازددت إعجابا به وحبا له".

3-    الوقوف بجوار الطفل في المواقف الصعبة, فقد يتعثر في مادة دراسية, وتأنيب الطفل هنا لن يزيد إلا حسرة وحرنا, والمربي الواعي يقف بجوار ابنه, ويحاول التخفيف من آلامه, ثم بعدها يحاول أن يعالج الخلل الذي يعاني منه ابنه في تلك المادة.

4-    سرعة إنهاء الشجار والخلاف بين الآباء والأبناء, وخاصة قبل أن يحل الليل بهواجسه, وكوابيسه, ولهذا لا يجب أن ينام الطفل وهو في حالة من عدم الرضا والطمأنينة والسرور.    

ليست هناك تعليقات: