الاثنين، 28 أكتوبر 2013

هرمون السعادة ... أنا طير في السما



أنا طير في السما

هل سألت نفسك يوما.. لماذا حينما تسمع كلمة إيجابية تجري السعادة في دمك مجري النهر العذب , تشعر وكأنك ريشة تمشي على الأرض , تتحدي قوانين نيوتن عن الجاذبية , فتطير بين السحاب, تعانق أشعة الشمس , تسامر القمر , تتخذ النجوم رفقاء دربك وموضع لسرك؟!..

ثم لماذا حينما تصل لأذنك كلمات سلبية , تسير على الأرض حزينا , تجر رجليك , ترفع قدمك وكأنها جبل , تطأطئ رأسك , وينحني كتفيك , تشدك الجاذبية الأرضية إلى أسفل وكأن الأرض تريد أن تنشق وتبلعك , تشعر وكأن كل أمراض الدنيا قد عقدت عليك اتفاقا وحلفا؟!.

الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتأثر بالكلمات , الإيجابية منها ترفعه إلى سابع سماء , إلى النجوم والكواكب.. والسلبية تخسف به الأرض , إلى سابع أرضين.. فأي سحر فاتن يكمن في ثنايا الكلمات؟

الكلمات الإيجابية تستمد سحرها من مادة انكيفالين Enkephalins والاندورفين , التي تم اكتشافها عام 1975, وتشبه في تركيبها الكيميائي الأفيون والمورفين , لكنها أقوي منهما 1000 مرة.

تستطيع أن تطلق عليها "هرمون السعادة".. فعندما يفرزها المخ , تؤثر على الجسم كله , فلا يشعر بالتعب والإرهاق , فيصير أخف وزنا , يمشي الإنسان على الأرض خفيفا سعيدا , يرفع قدمه فكأنها جناحا يرفعه إلى أعلي.
ويضبط ذلك الهرمون أيضا معدل السكر في الدم , وينظم عميلة التنفس , ويساعد على إتمام عملية الهضم بسهولة , كما أن له دورا في التخلص من آلام الصداع.

وتلك المادة يفرزها المخ من خلال عدة طرق:
ü     النوم العميق , فحينما يسدل الليل أستاره , وتضع رأسك على وسادتك , يمر أمامك شريط يومك , فإذا كان ناصعا , تبسمت على أنك قضيت ساعاته في طاعة ربك , وأعمار أرضه , لا تحمل في قلبك إلا الخير, وقتها .. يأخذك النوم بين أحضانه , ويكافئك ربك بأن يفرز عقلك هرمون الاندورفين.

ü     افتح خزانة ذكرياتك واستعد منها تلك اللحظات السعيدة مع الحبيب , تلك اللحظات الخاطفة التي تسافر بك إلى أعلي عليين وتحس فيها بأنك من أهل السماء . 
ü     استرخي , وأطلق العنان لخيالك يحلم بما يشاء , بلا قيد ولا شرط.
ü     احتضن شخص تحبه.
ü     ممارسة الرياضة.
ü     الخشوع في الصلاة ، إذ تنفصل عن الدنيا وهمومها , وتتصل روحك بأصلها الأول في السماء , وتعيش لحظات في الحضرة الإلهية , فيسيل "الاندروفين" ، مما يزيدك راحة وطمأنينة.
  
فلا عجب أن يكون للكلمات الطيبة هذا التأثير في الإنسان , فتجعله سمحا مع نفسه , ومع الآخرين , قادرا على القفز على كل العقبات التي تقابله , يأخذ الدنيا بصدر رحب.

وكثيرة هي قصص النجاح التي وقفت ورائها الكلمات التحفيزية , التي تشجع الإنسان على إضافة مزيد من النجاح إلى رصيده , ليكون قادرا على انتزاع آهات الإعجاب من الناس .

فهذا هو توماس إديسون , الذي أدهش العالم باختراعاته يقول: " أمي هي التي صنعتني.. أشعرتني أني أهم شخص في الوجود ، فأصبح وجودي ضرورياً من أجلها ، وعاهدت نفسي ألا أخذلها كما لم تخذلني قط".

وهذا نابليون بونابرت, الذي دوخ أوروبا لسنوات كثار , وصنع مجد فرنسا الحديثة يقول: " إن ما توصلت إليه اليوم هو من عند أمي". 

أيضا الأم التي توشك على الوضع , تلك الساعات الأليمة تهونها كلمات الزوج التشجيعية , وضغطته الحانية على يديها , فتصبح أكثر قدرة على مواجهة الآلام.

والزوجة التي تودع زوجها كل صباح , وقد طبعت قبلة على جبينه , تجعله أكثر قدرة على الانجاز والعمل , وأكثر تحملا لمصاعب الحياة , وسخافات البشر.. على العكس الزوج الذي يشعر بمنغصات في بيته , يخرج كل يوم منه كدرا , ضائق الصدر , كأنما تطبق الجبال على نفسه , أتفه المواقف قادرة على استثارة غضبه.

فإذا أردنا أن نكون سعداء‏ , ويعيش من حولنا سعداء , ‏فليكشف كلامنا عن كل ما هو حسن فيهم , ونستر مناطق الزلل بستارة من النصح الجميل , "فالكلمة الطيبة صدقة" , فإذا أردنا أن ننتقدهم فليكن بمعزل عن المحيطين بهم , وليكن بعد سرد الإيجابيات , وأن يحمل الانتقاد بين كلماته التشجيع.

فهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب , يري وهو غلام صغير في المنام , وكأنما بيده قطعة إستبرق، لا يشير بها إلى موضع من الجنة إلا طارت به إليه ، فقص تلك الرؤيا على أخته أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها ، فقصتها على النبي ، فقال "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل".

لقد وجه رسول الله بن عمر إلى قيام الليل , ووصفه بأنه رجل رغم أنه كان غلاما صغيرا , وقال كلمة لطيفة "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل".. فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا.




إشراقة :
 

لا شئ أقوى من الكلمة الرقيقة... ولا شئ أرق من القوة الحقيقية...
رالف إيمرسون
 
 





ليست هناك تعليقات: