أنا طير في السما
هل سألت نفسك يوما.. لماذا حينما تسمع كلمة إيجابية
تجري السعادة في دمك مجري النهر العذب , تشعر وكأنك ريشة تمشي على الأرض , تتحدي
قوانين نيوتن عن الجاذبية , فتطير بين السحاب, تعانق أشعة الشمس , تسامر القمر ,
تتخذ النجوم رفقاء دربك وموضع لسرك؟!..
ثم لماذا حينما تصل لأذنك كلمات سلبية , تسير على الأرض حزينا ,
تجر رجليك , ترفع قدمك وكأنها جبل , تطأطئ رأسك , وينحني كتفيك , تشدك الجاذبية
الأرضية إلى أسفل وكأن الأرض تريد أن تنشق وتبلعك , تشعر وكأن كل أمراض الدنيا قد
عقدت عليك اتفاقا وحلفا؟!.
الإنسان هو الكائن
الوحيد الذي يتأثر بالكلمات , الإيجابية منها ترفعه إلى سابع سماء , إلى النجوم
والكواكب.. والسلبية تخسف به الأرض , إلى سابع أرضين.. فأي سحر فاتن يكمن في ثنايا
الكلمات؟
الكلمات الإيجابية
تستمد سحرها من مادة انكيفالين Enkephalins والاندورفين , التي تم
اكتشافها عام 1975, وتشبه في تركيبها الكيميائي الأفيون والمورفين , لكنها أقوي
منهما 1000 مرة.
تستطيع أن تطلق عليها
"هرمون السعادة".. فعندما يفرزها المخ , تؤثر على الجسم كله , فلا يشعر
بالتعب والإرهاق , فيصير أخف وزنا , يمشي الإنسان على الأرض خفيفا سعيدا , يرفع
قدمه فكأنها جناحا يرفعه إلى أعلي.
ويضبط ذلك الهرمون
أيضا معدل السكر في الدم , وينظم عميلة التنفس , ويساعد على إتمام عملية الهضم
بسهولة , كما أن له دورا في التخلص من آلام الصداع.
وتلك
المادة يفرزها المخ من خلال عدة طرق:
ü النوم العميق , فحينما يسدل الليل أستاره , وتضع رأسك
على وسادتك , يمر أمامك شريط يومك , فإذا كان ناصعا , تبسمت على أنك قضيت ساعاته
في طاعة ربك , وأعمار أرضه , لا تحمل في قلبك إلا الخير, وقتها .. يأخذك النوم بين
أحضانه , ويكافئك ربك بأن يفرز عقلك هرمون الاندورفين.
ü افتح خزانة ذكرياتك واستعد منها تلك اللحظات السعيدة مع
الحبيب , تلك اللحظات الخاطفة التي تسافر بك إلى أعلي عليين وتحس فيها بأنك من أهل
السماء .
ü استرخي , وأطلق العنان لخيالك يحلم بما يشاء , بلا
قيد ولا شرط.
ü احتضن شخص تحبه.
ü ممارسة الرياضة.
ü الخشوع في الصلاة ، إذ تنفصل عن الدنيا وهمومها , وتتصل
روحك بأصلها الأول في السماء , وتعيش لحظات في الحضرة الإلهية , فيسيل "الاندروفين"
، مما يزيدك راحة وطمأنينة.
فلا عجب أن يكون
للكلمات الطيبة هذا التأثير في الإنسان , فتجعله سمحا مع نفسه , ومع الآخرين ,
قادرا على القفز على كل العقبات التي تقابله , يأخذ الدنيا بصدر رحب.
وكثيرة هي قصص النجاح
التي وقفت ورائها الكلمات التحفيزية , التي تشجع الإنسان على إضافة مزيد من النجاح
إلى رصيده , ليكون قادرا على انتزاع آهات الإعجاب من الناس .
فهذا هو توماس إديسون
, الذي أدهش العالم باختراعاته يقول: " أمي هي التي صنعتني.. أشعرتني أني أهم
شخص في الوجود ، فأصبح وجودي ضرورياً من أجلها ، وعاهدت نفسي ألا أخذلها كما لم
تخذلني قط".
وهذا نابليون
بونابرت, الذي دوخ أوروبا لسنوات كثار , وصنع مجد فرنسا الحديثة يقول: " إن
ما توصلت إليه اليوم هو من عند أمي".
أيضا الأم التي توشك
على الوضع , تلك الساعات الأليمة تهونها كلمات الزوج التشجيعية , وضغطته الحانية
على يديها , فتصبح أكثر قدرة على مواجهة الآلام.
والزوجة التي تودع
زوجها كل صباح , وقد طبعت قبلة على جبينه , تجعله أكثر قدرة على الانجاز والعمل ,
وأكثر تحملا لمصاعب الحياة , وسخافات البشر.. على العكس الزوج الذي يشعر بمنغصات
في بيته , يخرج كل يوم منه كدرا , ضائق الصدر , كأنما تطبق الجبال على نفسه , أتفه
المواقف قادرة على استثارة غضبه.
فإذا أردنا أن نكون
سعداء , ويعيش من حولنا سعداء , فليكشف كلامنا عن كل ما هو حسن فيهم , ونستر
مناطق الزلل بستارة من النصح الجميل , "فالكلمة الطيبة صدقة" ,
فإذا أردنا أن ننتقدهم فليكن بمعزل عن المحيطين بهم , وليكن بعد سرد الإيجابيات ,
وأن يحمل الانتقاد بين كلماته التشجيع.
فهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب , يري وهو غلام صغير في المنام , وكأنما بيده قطعة إستبرق، لا يشير بها
إلى موضع من الجنة إلا طارت به إليه ، فقص تلك الرؤيا على أخته أم المؤمنين حفصة
رضي الله عنها ، فقصتها على النبي ، فقال "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم
من الليل".
لقد وجه رسول الله بن عمر إلى قيام الليل , ووصفه بأنه رجل رغم أنه كان غلاما صغيرا , وقال كلمة لطيفة "نعم
الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل".. فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام
من الليل إلا قليلا.
لا شئ أقوى من الكلمة الرقيقة... ولا شئ أرق من القوة الحقيقية...
رالف إيمرسون
رالف إيمرسون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق