الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

للخطأ وجهان..فهل استفدت من أخطاء طفلك؟!!




من منا لا يخطئ؟
الإجابة: بالتأكيد الكل يخطئ.
إذن.. فلماذا تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يخطئ الطفل؟ هل لأنه يكرر خطأه؟!

الغالبية من الآباء تتوقع أنه فور إعطاء الطفل التعليمات والتنبيهات حول ما ينبغي القيام به وما يجب تجنبه , تكون مهمتهم قد انتهت , وأن على الطفل بعدها أن يتصرف بحكمة الكبار, ورزانة الشيوخ وعبقرية الأذكياء!!. وإذا أخطأ.. فالويل له كل الويل , يكيل له الأب والأم الصراخ وينال من العقاب ألوانا.

الخطوة الأولي لعلاج ذلك.. أن يدرك الآباء والأمهات طبيعة مرحلة الطفولة , فعلماء التربية يؤكدون أن وقوع الطفل في الخطأ.. وتكرار الخطأ أمر طبيعي , فالطفل مرآة لما يحيط به , فهو يقلد عالم الكبار , بكل ما فيه من إيجابيات وسلبيات , وما ذنبه إذا التقط فعل سيئ من أحد المحيطين به؟!!

كما أن الطفل يحب المغامرة والتجربة , والاكتشاف , يحب أن يجرب كل شئ بنفسه , وهو في كل ذلك عرضه للوقوع في الخطأ وارتكاب حماقات.

الأهم أن يعي الآباء والأمهات أن تقويم سلوك الابن لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة.. ومشكلات الأطفال تحتاج إلى برنامج علاجي طويل.. فالطفل الذي يعاني من داء "حب تملك الأشياء" لا يمكن علاجه بمجموعة من الأوامر والتعليمات.. والطفل الذي يدمن الكذب لا يمكن ردعه بتخويفه أن الكذاب يدخل النار.. كذلك الطفل الذي يعاني من التبول أثناء النوم , أو يكثر من قول "لا" وغيرها وغيرها من المشكلات التي تحتاج إلى الصبر وإتباع "إستراتيجية النفس الطويل".

ذلك الأمر لا يخص فقط عالم الطفولة , وإنما يضم بين ضفتيه كل العوالم المهتمة بشأن التعليم وتعديل السلوك وتغيير الاتجاهات والمعتقدات , فلابد من النفس الطويل , والتدرج في معالجة الداء لنصل إلى الشفاء الذي لا انتكاس بعده.
رسول الله صلي الله عليه وسلم لكي ينشئ أمة تستحق وصف خالقها " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ " استغرق في تربيته للرعيل الأول ثلاث عشرة سنة في مكة , وسنوات في المدينة , حتى وصلت إلى الدرجة التي استحقت بها هذا الوصف الرائع.
وفي رحلة الأمة.. كانت ومازلت تكبو كما كبت في يوم "أحد" ويوم "حنين".. ثم تقوم من كبوتها لتصعد على قمة جديدة من قمم البشرية .

وفي مدرسة الرسول.. استخدم التدرج في معالجة سلبيات المجتمع..
والمثال الشهير في ذلك تحريم الخمر, إذ مر بثلاثة مراحل, الأولي " يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ", فنبهت الآية إلى خطورة الخمر, وأن نفعها أقل من ضررها, والثانية " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ " وتلك الآية أشد من الأولي, إذ أن الصلوات تشمل اليوم كله , فكان على المؤمن الامتناع عن تناولها , وأخيرا جاءت آية التحريم القاطعة " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ".

فإذا أخطأ الطفل , ومهما تكرر خطأه.. فلا تنفعل, ولا تغضب, لأنك لو فعلت ذلك عمقت فيه الشعور بالفشل , وإنما تبسم في وجهه وعلمه كيف يتجنب مواقع الزلال.

فليس عيبا أن نخطئ , فالحياة الإنسانية رحلة طويلة نمر بها بالعديد من الامتحانات والتجارب , وقد ننجح في بعضها وقد نخفق , و"كل ابن آدم خطًاء وخير الخطائين التوابون" كما أخبرنا رسولنا الكريم.  

وواهم من يظن أن ابنه يستطيع مواجهة الحياة فور تزويده بمجموعة من النصائح والتنبيهات والنواهي والمعلومات , فالحياة بحر ملئ بالتجارب المتوقعة وغير المتوقعة , وكلنا فيها مثل اللاعب الذي يزوده مدربه بالتعليمات والخطط ليحقق الفوز, وعندما ينزل الملعب قد يجد ظروفا مختلفة , وقد يخسر , لكن الأكثر جدوى أن يدرس ما وقع فيه من أخطاء ليكون أقوي وأفضل في المباراة القادمة.

الدكتور خالد سعد النجار في كتابه " أحسن مربي" يشير إلى حقيقة هامة حينما ينبهنا إلى أنه "من المناسب أن ندخل في ثقافة أبنائنا أن الخطأ له وجه إيجابي .. فهم يتعلمون من أخطائهم أضعاف ما يتعلمونه من صواباتهم.. المهم: كيف أستفيد من رصيد أخطائي, فهو الرصيد الوحيد الذي لا يراد له أن يزداد!!.

الكلمات السابقة تطرق عقولنا بقوة لننتبه إلى أن الخطأ دائما ما يحمل وجهين , وجه قبيح , يذكرنا بخسارتنا , ووجه إيجابي , إذ أضاف إلى رصيد تجارب الحياتية رصيدا جديدا.
وإذا كانت نصائحنا تذهب مع رياح النسيان, إلا أن التجارب التي يخوضها الطفل تظل عالقة ومحفورة في أعماق ذاكراته.

ولنتذكر أن إديسون, استخدم 999 طريقة لاختراع المصباح, لكنه لم ييأس , ولم يصف تلك المحاولات بالفاشلة, وإنما قال: لقد أثبت أن هناك 999 طريقة لا تؤدي إلى اختراع المصباح الكهربائي

******
من كتابي //
أرجوك لا تفعل هذا 

ليست هناك تعليقات: